من ماجاء في الوثائق التركية المحفوظة في دار الوثائق المصرية هذه الوثيقة التي تذكر حصان الشيخ الفارس محمد بن هادي بن قرملة , والتي ترد اخباره -اي الحصان- في بعض المصادر التاريخية للدولة السعودية الثانية ويفهم من الوثيقة أن والي مصر ( محمد علي باشا ) , علم أن لدى الشيخ محمد ابن قرملة حصان أصيل فأراد الحصول عليه من أجل التلقيح ..
فأرسل إلى أحد مسؤوليه رسالة يأمره بأن يذهب إلى الشيخ بن قرملة وأن يشتري هذا الحصان , ولكن رفض الشيخ ابن قرمله ولم يتسنى للمرسول أن يستحصل على الجواد فما كان إلا أن ارسل لوالي مصر هذه الرسالة التي يستسمح بها والي مصر يقول فيها ما نصه : ((سيدي صاحب الدولة سني الشيم جناب السلطان والي مصر, بالنظر لوجود حصان عالي الجودة لدى محمد بن قرملة فإنه بناء على الأمر السامي الصادر في 8 محرم 1256 هـ والذي وصل في 8 صفر 1256 هـ القاضي بشراء هذا الحصان لأجل التلقيح , وكما أمر أفندينا فإنني لا أعلم إن كان لدى محمد بن قرمله حصان عالي الجوده أم لا وبما أن الشيخ المذكور يوجد هذه الأيام في المنطقة الداخلية بنجد فإن الحصان الخاص بنا والمسمى غيثان وإن كان غير مناسبا ً لأفندينا, إلا أنه من الخيول الأصلية العالية المقفي فإنه موامون للتلقيح وقد وجدنا من المناسب إرساله إليكم فأرسلناه إليكم بحرا ً ولأجل المعلومية كتبنا إليكم 8 صفر 1256 هـ )).
ويبدو لي أن هذا الجواد هو المسمى حرقان المشهور عند بوادي نجد كما سيأتي في نص العبيد , وقد ورد في تاريخ ابن بشر أن الشيخ ابن قرملة وفد هو وخمسون رجل من قومه على الإمام فيصل بن تركي-رحمه الله- سنة 1262 هـ ومعه هدية من الخيل فأمر لهم بعطاء وكسوة.
كما أورد المؤرخ العبيد في كتابه (النجم اللامع), خبرا ً مفاده أن عبدالله بن محمد بن عون (شريف مكه) طلب من الشيخ تركي بن حميد, أن يستحصل له على جواد الشيخ محمد بن هادي بن قرملة المسمى (حرقان) , ليجعله (علوة لخيله) - ويذكر المؤرخ العبيد أن الحصان حرقان من أصائل الخيل ومشهور عند البوادي كلها - فركب ابن حميد للشيخ ابن هادي ومعه خادم (الشريف) , واخبره بالأمر فقال : ((ادخل على الله والله مايفرق رجليه العسكري على ظهر حرقان)) وبعدها اقتنع ابن حميد وعلم أن ابن هادي لن يفرط فالجواد.
ويظهر لي مما تقدم أن هذا الحصان الذي طلبه محمد علي باشا (والي مصر) هو نفس الحصان الذي طلبه عبدالله بن محمد بن عون (شريف مكه) ,عن طريق الشيخ تركي بن حميد.
وقد ذكر الجاسر -رحمه الله- نقلا ً عن منديل الفهيد أنه عندما حصل الخلاف بين الامام فيصل بن تركي والشيخ محمد بن هادي والذي لم يدم , أهدى له الشيخ فرسين من خيله , وهما (الحرقا) و(نايف) وقال في ذلك قصيدة قوله :
doPoem(0)
|
يالله يـا نمشـي مـزون طهايـف افرج لمن هو مايجـي درب منقـود
|
أدنيت أنا (الحرقا) وقلطـت (نايـف) وردوا علي الهدو ما ابغى لـه ردود
|
(نايف) على اسمه جا عديم الوصايف منفله ربـي علـى الخيـل بـه زود
|
أبـوه سبـاق لخـيـل الطـوايـف وامـه ثمنهـا تسعـة الآف منقـود
|
|
وقول الشيخ ابن هادي : أبو سباق لخيل الطوايف.. يقصد بلا شك أبو الحصان (نايف) , فمن المحتمل أن يكون الحصان (حرقان) الذي نرجع انه المذكور في الوثيقة هو والد الحصان (نايف).
كما ذكر منديل الفهيد أن سلطان الشريف من أهالي الخرمة طلب من ابن هادي جوادا ً من أشهر جياده فكتب له ابن هادي هذه القصيدة:
doPoem(0)
|
ياراكب من عندنا فوق هجهوج سـواج مـواج بعيـد معشـاه
|
مافوقه إلا الكور والنطع وخروج وسفيفتين فوق وركيـه تزهـاه
|
|
إلى أن قال :
doPoem(0)
|
يالعبدلي لاتكثر السوم بالغوج لو كان طارينا الثمن كان بعناه
|
|
ويفهم من البيت الأخير أنه يريد شراء الحصان (الغوج) , لكن ابن هادي يرفض بيعه , ويقول بعد ذلك :
doPoem(0)
|
شفي عليه بردة والغلب غـوج ذهل الغطا وأهل الرمك قام ينخاه
|
|
وقد عارض سلطان الشريف هذه القصيدة بقصيدة جاء منها هذا البيت :
doPoem(0)
|
حي الكتاب اللي من الفخر ممزوج حيه وحي اللي لفـا بـه وعنـاه
|
اهلا وسهلا به ولاهوب مسهـوج حشمـة لمـن وترفـى خطايـاه
|
جانا جواب معرب الجد معـروج ومعسكـر لكـن حنـا فهمـنـاه
|
وش عاد لو عيا محمد على الغوج فخيل الطواله واحـد كنـه إيـاه
|
|
وأعتقد أن هذا الجواد الذي طلبه سلطان بن شرف الشريف هو نايف , وقد قرأت ذلك في أحد المصادر الذي لاأتذكره الآن.
أورد المؤرخ العبيد في كتابه أن الجواد (حرقان) -المذكور فالوثيقة- عقر تحت فارسه الشيخ ابن هادي في معركة قرب جبله .
متمنياً أن يكون في هذه الوثيقة مايضاف إلى سجل الشيخ الفارس محمد بن هادي بن قرملة المتوفى في حدود سنة 1297 هـ .
كتبه العتيبي الباحث والكاتب المعروف في مجلة الإبل العربية
نقل وسيع الخاطر