حلة الفصول الأربعة (1):الرين-العمق-الوهوهي-وادي الركا
كاتب الموضوع
رسالة
فيصل عبدالله العلياني الأداره
الدولة : تاريخ التسجيل : 24/07/2010عدد المساهمات : 1693
موضوع: حلة الفصول الأربعة (1):الرين-العمق-الوهوهي-وادي الركا الأحد أغسطس 08, 2010 10:32 pm
بسم الله الرحمن الرحيم تاريخ الرحلة: الخميس و الجمعة الموافق 6- 7 / 4 /1430 الموافق 2 ابريل 2009م الى منطقة الرين و حصاة قحطان
بدأت الرحلة من الرياض بعد صلاة الفجر من يوم الخميس وكنا في سيارتين انا وعبدالله في الباترول ثم لحقنا ابو ابراهيم وابو عبدالمحسن بالجيب السوزوكي الأزرق الصغير. كانت هذه السنة سنة غبارية وقلما يمر اسبوع بلا غبار ولكن الهواء الشرقي خلال هذه الأيام جعلنا توقع ان احتمالية الغبار أقل. اثناء خروجنا من الرياض لاحظنا مع الأسف قتام عالق في الجو لكن الجو ربيعي مقبول بصفة عامة. خط السير كان باتجاه طريق مكة ثم الالتفاف مع مخرج الرين بعد المزاحمية حيث تم الانتهاء من هذا المخرج المؤدي الى الرين منذ شهر تقريبا ففرحنا بالمخرج الذي لم توضع لوحته بعد (راجع مسار الرحلة) ومن المخطط انه سيستمر في المستقبل كما سمعنا الى مدينة بيشة وفي بداية هذا الخط يمر من خلال نفود قنيفذة الذي لون رمله يميل للحمرة الشديدة …نفود جميل مع شروق الشمس لكنه مشبوك على اليمين واليسار فليس لك الا المشاهدة…كنا نتناقش حول مثل هذه التسييجات الضخمة وسلبياتها لكن كان احدنا يقول انها ايجابية لحفظ البيئة في ظل التخلف البيئي حيث ان هذا النفود ستدكه السيارات ومزابل المتنزهين حتى تدمر نباته وحيوانه لو فتح بلا ظوابط الا ان يأتي قوم أقل افساداً للأرض!
والخط متعرج قليلا وفيه ارتفاع و انخفاض مما يستوجب الحذر إثناء القيادة فيه,
الساعة 9 و بعد ذلك مررنا بسهل واسع به بعض المزارع وبعض الأراضي السبخة ثم توقفنا للإفطار في عرق الخبراء (تسمى قديماً رملة الأحماض) ورمله يميل للبياض و تكثر به أشجار الغضا راجع هذا الرابط لمزيد من المعلومات عن هذا الرمل
كان الافطار عدس ادعى صاحبنا الذي أحضره انه طازج مع تشكيك البعض في ذلك …لكن جمال المكان انسانا طعم العدس. بعد الافطار زاد الهواء واشتد شرقياً صلفاً..واصلنا السير و كان الجو يميل للحرارة وكلما تقدمنا جنوباً زادت العواصف ترابية شديدة فذكرنا هذا الجو فصل الصيف وحزنا لأجل انا متشوقين لرؤية الهضاب المتعددة التي تميز منطقة الرين ذات الجيولوجية الفريدة ولكن قدر الله وما شاء فعل.
صورة من قف البيضاء وهي مرتفعات تفصل نفود الدحي عن اودية الرين والعمق تسمى صفراء. وصلنا الى مدينة الرين و التي تبعد عن طريق مكة حوالي 120 كم ثم اتجهنا جنوبا مع طريق معبد جديد نسلكه لأول مرة.
الساعة11-12 كان انخفاض مجال الرؤية عائقاً امام تفقد المعالم الجغرافية..مررنا بعدة بلدات على الطريق منها قبيبان التي ذكرها الصمة القشيري في شعره خليلي عوجا منكما أو دعا نحيي رسوما بالقبيبة بلقعا و مررنا بعدها بالعنادية ثم بعد 34كم من الرين وصلنا الى وادي العَمْق الشهير وبه قرية الان وبه ايضاً مورد مشهور منذ القدم وان كان مائه ليس بالعذب. ولا تزال الآبار موجودة ويستفيدون منها حتى الآن
استمرينا بالمسير جنوباً ويعد 18كم وصلنا منطقة هضب الوهوهي (بضم الواو وضم الهاء الاولى) وكان الجو مغبراً ويميل للحرارة فشاورني ابو سليمان ان نبحث عن غار نستريح به حتى يتحسن الجو ان شاء الله وشاورنا السيارة الزرقاء فكانت الموافقة فورية (لقيلولة في نفس أحدهم) …الهضب يقع غرب القرية وهو هضب جرانيتي جميل به تشكيلات صخرية بديعة ومن خصائصه أن اغلب صخوره بها ثقب كالعين وايضاً نجد الطبقة العليا من الصخور طينية اللون عكس اسفلها,وذكر سعد بن جنيدل رحمه الله ان بهذا الهضب عد ماء قديم مائه مالح كمثل اغلي مياه المنطقة. ولم يرد ذكر لهذا الهضب ذو الاسم الغريب في مراجعنا.
وجدنا غاراً جميلاً (غرض روق) كما يقال ..الغار بارد وظليل وذاري عن الريح الشديدة الشرقية فحمدنا الله على هذا المأوى الذي كتب عليه أحدهم”أرحبوا يا رجال” فشكرا لمن كتب. لحظات وشبة النار من اعواد السمر اليابسة جاهزة وابريق الشاهي يطبخ لشربة كنا مشتاقين لها . بعد ذلك وبسبب الجو جلسنا للقيلولة التي غط الجميع بها الا ابو سليمان الذي كان يحاول ان ينكد علينا هذه الراحة غير المعتادة!
كان هذا الغار رحمة من الله نستريح فيه حتى نتبين حال الجو الذي تحسن نوعاً ما حوالي الساعة 2ظهرا واصبحت الرؤية أفضل وأحسسنا ببعض الغيوم المرتفعة لاحظ الغار تكون من صخرة كبيرة جدا متكئة على صخرة اخرى (تذكرنا قصة اصحاب الغار الثلاثة)
صخرة بعينين حزينيتين
تكوين عجيب! خرجنا من غارنا بعد الثانية ظهرا بعد ان صلينا ونظفنا الغار لمن بعدنا, وكان الجو بدأ بالتحسن نوعاً ما وارتفع الغبار لكن الهواء لازال قوي. مررنا بقرية سميت على اسم الهضب سكانها آل عاطف من قحطان ثم ركبنا الطريق المعبد من جديد …على يمينا نشاهد سلسلة جبال صماخ السوداء واستمر الطريق معبدا الى بلدة حفيرة صماخ حيث انقطع الخط.
فسرنا عبر الخطوط البرية بين الجبال و الأودية وفي البداية كان الطريق بطانيج قوية تهز السيارة ومن بداخلها …لكن كلما تقدمنا جنوباً كلما استرملت الأرض واستاسعت ولانت البطانيج.ورغم ان هذه السنة تميزت بأمطار وسمية على أغلب نجد فإن هذه المناطق من الرين جنوب كانت مَحَل ولم نر اي عشب ربيعي خلال تجوالنا اليوم.
.وصلنا الى ارض مستوية رملية فسيحة
ومنها تبين بدايات عرق كتنة وهو عبارة عن مجموعة كثبان رملية تجمعت وسط بطن وادي الركا حتى غيرت مجراه وتراها من الفضاء مثل الحلقة المربعة
صور فضائية من ناسا توضح المنطقة. ورغم انه على الطبيعة نجد لون الرمل يميل للحمرة فقد رأينا شيئاً غريباً وهو وجود طبقة من الرمل الأسود في وسط الكثبان وعلى رؤوس بعضها فقط
بقع سوداء فوق الرمل : رمل اسود يغطي الرمل الأحمر بسماكة خفيفة جدا لا تتجاوز 2 مم ماهو السر يا ترى ورغم الرياح الهوجاء لماذا لم تتوزع هذه الرمال السود بل جثمت في نفس الاماكن ومن اين اتت؟هل هذا الرمل من فتات تلك الصخور السود بالجبال التي مررنا عليها وغيرها من الجبال بتلك المنطقة؟ سبحان الخالق الساعة 4 عصراً: اثناء انشغالنا بعرق كتنة بدأنا نلاحظ الغيوم تتراكم في الغرب الجنوبي وكم فرحنا برؤيتها واستبشرنا خيراً واسفهل الجميع طمعا بالمطر وما ان غادرنا كتنة حتى رأينا البرق وسمعنا الرعد .! غيرنا اتجاهنا الى الغرب مسايرين لوادي الركا مع ميل للجنوب وقطعنا وادي الركا الضحل دون ان نشعر بمجراه لولا الشجيرات الكثيفة وسط بطن الوادي …..كان عبدالله يؤشر على ثعول المطر امامنا تسحب على الأرض,الغريب لاحظنا ان نصفها الأيمن المقابل لنا كان داكناً والنصف الأبعد كان أحمر و بعد مسير نصف ساعة وبعد 9كم من كتنة دخلنا جبال متطامنة سود تسمى جبال الرمامية ينصفها وادي الركا(انظر الصورة الفضائية اعلاه) …….وفجأةً بدأ المطر يهطل بقوة بل ينصب صباً وكلما سرنا باتجاه الغرب ازداد المطر وكان هطولاً عجيباً في قوته وكبر قطراته وفي خلال دقائق فإذا الأرض قد ارتوت وحولت الجبال
وماهي إلا لحظات حتى نزل سيل الشعاب الصغيرة على الأودية فسالت الأودية
هل انت محيّ الركب أم أنت سائلُه–بحيث هراقت في الركاء مسايلُه —————————— مع الأمطار والأرض الرطبة بدأنا نفكر في مكان المبيت حيث الساعة الآن تقارب الخامسة مساء… احترنا بين رأيين, الأول ان نعود الى عرق كتنة قبل ان يسيل وادي الركا ونخيم في الرمل,الرأي الثاني ان نتقدم الى جبال موزّر التي يعرفها عبدالله من قبل انها رملية ومناسبة لكن الطريق يمر على شعبان وأودية لا نعرف مجاريها. كانت كثافة المطر اسرع في الاجابة……..من الواضح اننا لا نستطيع الذهاب الى أي من المكانيين فالأرض اصبحت “طهاة” لا تعرف تضاريسها والمطر يزداد قوة والرعد يجلجل والبرق يملأ الجنوب الغربي… ان اي تصرف خاطيء قد يؤدي الى مالا تحمد عقباه.!! بدأنا نبحث حولنا عن مكان مرتفع وبه رمل واثنا البحث كانت المفاجئة ,قال لي عبدالله :شف يا ابو محمد ؟ التفت فرأيت جبال سوداء يكسوها شيء أبيض في منظر بديع, قال عبدالله :كأنه الثلج اول نزوله على جبال روكي! لكننا في نجد فمن أين الثلج؟ عرفنا ان ما نراه هو بَرَد كثيف نزل من السحابه ذات الهماليل الحمراء فسبحان الله القادر.
هدأ المطر قليلاً وكان اغراء الجبال البيضاء لا يقاوم رغم المخاطر…فقررنا الذهاب الى تلك المنطقة بما فيها من مخاطرة لان وادي الركا يقع بيننا وبينها
المشكلة ان صاحبتنا السيارة السوزوكي الزرقاء الصغيرة طامنة وعجلاتها صغيرة وقد تعلق في السيل بسهولة لكن توكلنا على الله وأخذنا نتتبع رؤوس الحزوم والجبال ونجس المجاري قبل قطعها…ومشينا بحذر من رفاع الى رفاع ومن شعيب الى آخر وكلما اقتربنا من الجبال المكللة بالبياض زاد الحماس
وفي آخر المطاف بقي وادي واسع والسيل به غير جارف ولا مرتفع فتقدمنا بإحدى السيارات وعبرنا الوادي و تركنا السيارة الأخرى ليأتي زميلينا سامي و فواز على ارجلهم التي كادت تجمد من السيل المثلّج! وصلنا منطقة الثلج او البرد وكانت دهشة ومتعة لا حد لها !! جبال مكسوة من البرد في كل اتجاه حيث أن كمية البرد النازلة على تلك المنطقة كانت كبيرة
وكان حجم حبات البرد التي شاهدناها يتراوح بين 5 , 0 سم إلى 2 سم علما بأننا لم نصل هذا المكان إلا بعد 45 دقيقه تقريبا من نزول البرد عليها
عبدالله السعيد-فريق الصحراء
حلة الفصول الأربعة (1):الرين-العمق-الوهوهي-وادي الركا