مشيخة قبائل علكم:
كانت قبيلة علكم متفرقة على عدد من المشايخ، بحيث كان كل قسم منها يرتبط بشيخ مستقل. وأقدم ما بين أيدينا من المراجع التي تحدثت عن مشايخ علكم، ما ذكره محمود شاكر في كتابه "عسير"، نقلاً عن مذكرات جعفر الحفظي التي ورد فيها بعض حوادث عام 1181هـ، حين أشار إلى قيام قبائل علكم بقيادة كل من الجبلي أبو زوعة ويحيى بن محمد وسليمان بن عايض الهراوي بنجدة قبائل آل الغمر، التي تقع بين قبائل عسير وشهران، بعد أن هجمت عليهم قبائل شهران وأجلتهم عن ديارهم. ومنه يتضح أنه كان لقبيلة علكم في ذلك التاريخ أكثر من شيخ. فسليمان بن عايض الهراوي من آل الهراوية من آل القاسم بن يزيد من علكم وآل الهراوية هم البطن الذي ينحدر منه آل حامد شيوخ علكم حالياً. أما يحيى بن محمد، فالمقصود به هو يحيى بن محمد أبو زوعة، الملقب بـ" أبو جبل "، وربما كانت صحة العبارة التي وردت عند "محمود شاكر" هي الجبلي أبو زوعة يحيى بن محمد، إذ قدم اللقب على الاسم، ثم حدث خطأ، فوضع حرف الواو بين الاسم الأول واسم العائلة، فبدا أنهما رجلان مختلفان. ويحيى بن محمد أبو زوعة من آل عطاء بن أسد من علكم، وهو جد آل أبو زوعة الذين تشيخ بعضهم على بعض قبيلة علكم في فترات مختلفة، وكان مقرهم في قرية الشينة، ثم انتقلوا إلى قرية عين ابن مصافح، وكلاهما من قرى آل عطاء من علكم.
وفي فترة لاحقة، ذكر عبد الله بن مسفر ومحمود شاكر أن أهل عسير، بعد أن اشتدت عليهم هجمات قوات محمد علي، قاموا في عام 1232هـ بإرسال كل من الشيخ/ حامد بن أحمد بن علي بن مبارك بن سليمان الهراوي وأحمد بن يحيى أبو زوعة، وهما من مشايخ علكم، ومعهما الشيخ العلامة علي بن سليمان آل عباس، من آل عطاء من علكم أيضاً، إلى الشريف حمود أبو مسمار، شريف أبو عريش، طالبين منه توحيد جهود أهل تهامة مع عسير للوقوف في وجه قوات محمد علي الغازية، وقد وافق على طلبهم، رغم ما كان بين الطرفين من عداء على إثر الحروب التي شنتها عسير على أبو مسمار لإخضاعه لحكم الدولة السعودية الأولى ونشر الدعوة السلفية في تهامة. ومعنى ذلك أن قبيلة علكم كان لها أكثر من شيخ في ذلك الوقت. وحامد هذا هو جد آل حامد شيوخ علكم حالياً.
وهناك رواية ثالثة تذكر أن الأمير سعيد بن مسلط عيّن أحمد بن علي بن مبارك بن سليمان بن علي بن عبد الله الهراوي شيخاً عاماً على شمل قبائل علكم، وكان شيخان قبله هما: سلطان بن عبده بن سلطان ويحيى بن محمد آل أبي زوعة الجبلي، وهو – أي يحيى بن محمد - ينتمي إلى الصحابي الجليل معاذ بن جبل. وأضاف أن حامد بن أحمد تولى بعد والده بتأييد من الأمير محمد بن عايض. وتشير الوثائق وبعض المراجع التاريخية إلى أن سلطان بن عبده كان شيخاً من شيوخ علكم حتى عام 1240هـ، حين فر من عسير على إثر قيامه بتأييد قوات محمد علي باشا التي كانت في صراع مع عسير في تلك الفترة.
وليس لدينا ما يدلنا على فترة مشيخة حامد بن أحمد آل الهراوية على علكم كافة. إلا أنه من المؤكد أنه بعد مشيخته تفرقت قبيلة علكم على عدة مشايخ. على أنه ليس لدينا ما يدلنا على أسمائهم وفترة مشيختهم، ما عدا ما اشتهر من أن مريع بن يحيى أبو زوعة، كان شيخاً قبل عام 1322هـ، ولا نعلم هل كانت مشيخته شاملة لعلكم أم مقتصرة على جزء منهم. وفي عام 1322هـ، اجتمعت قبيلة علكم واختارت أحمد بن محمد بن حامد شيخاً على شمل قبائل علكم، ومازالت المشيخة في عقبه من آل حامد حتى الآن.
ولمعرفة التغيرات التي طرأت على مشيخة القبيلة، وتأثرها بالتطورات السياسية، نستعرض بالدراسة ثلاثة من المشايخ، الذين تعاقبوا على مشيخة شمل علكم خلال المئة سنة الماضية:
مشيخة أحمد بن محمد بن حامد:
هو أحمد بن محمد بن حامد بن أحمد بن علي بن مبارك بن سليمان بن علي ابن عبد الله آل الهراوية، من آل القاسم بن يزيد من علكم بن أسلم. ويخطئ بعض العامة حين ينسبون آل حامد وآل الهراوية إلى آل مهروي من عبيدة من قحطان. بل إن أحمد بن حسن بن عبد الله النعمي أورد في كتابه (عسير في مذكرات سليمان الكمالي) أن نسب آل حامد يعود إلى الوهابة، فقال: أحمد بن حامد الوهابي الحارثي. والصحيح ما ورد في أحد المراجع، من أن لقب الهراوي يعود إلى نسبتهم إلى جدتهم زهراء، التي كانت من آل مهروي من عبيدة. وقد أطلق عليهم لقب أخوالهم لتمييزهم من بقية إخوانهم من آل القاسم بن يزيد، كما جرت عليه العادة في كثير من الأحيان. ويورد بعض المؤرخون لقبهم مذكراً (الهراوي ) بدلاً من (آل الهراوية).
وقد قدر السير كيناهان كورنواليس في كتابه (عسير قبل الحرب العالمية الأولى) أن عمر الشيخ أحمد بن حامد في عام 1916م/ 1335 هـ كان خمسة وأربعين عاماً. ومولده حسب هذا التقدير، كان في عام 1871م/1290هـ تقريباً. إلا أنني أعتقد أن مولده قبل ذلك التاريخ بما لا يقل عن عشرين إلى ثلاثين سنة، لأنه كان شيخاً طاعناً في السن عند وفاته عام 1346هـ.
وتعود مشيخة أحمد بن حامد إلى حادثة وقعت له في وادي تية، حينما كان في طريقه إلى محايل في عام 1322هـ. وتذكر الرواية المتداولة، أن ثمانية من قطاع الطرق هاجموا أحمد بن حامد، ولكنه استطاع التغلب عليهم والفتك بهم مستخدماً سلاحه الأبيض (معيرة). وعلى إثر هذا الهجوم أصيب ببعض الإصابات المختلفة في أنحاء جسمه وقطعت بعض أصابع يده اليسرى. وقد قام آل مدوش من قبيلة آل الحارث بعلاجه والعناية به حتى وصل ما يقارب أربعمائة رجل من قبيلة علكم، فحملوه إلى بلادهم وهم في غاية الفخر لفعلته، ولقبوه بعدها بـ(راعي تيّة). وقد قيل في هذه الحادثة الكثير من الشعر. وعند وصولهم إلى ديارهم، أجمع رأيهم على تنصيبه شيخاً عامّاً على قبيلة علكم، حسب ما ورد في وثيقة تنصيبه التالية:
" الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
يعلم الواقف على هذه القاعدة والناظر إليها على أنه اجتمع شمل علكم وأجمل رأيهم ونصبوا أحمد بن محمد بن حامد شيخاً على كافة علكم يقبض فيهم ويبسط وينفى ويثبت ما أثبت الكتاب والسنّة وشروع القبايل وما يليم بعضهم لبعض وأن عليه عهد الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الإقامة في جميع ما بينهم بوجه العدل الطارف منهم والواسط وصار أنهم قبلوا له وعليه قيس وأهل امقصير حضناء لهم من علكم وبالله الاعتماد وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم سنة 1322
حسن بن علي سعيد بن محمد صالح بن مشاري محمد بن زايد
علي بن ناصر محي بن علي عبد الله بن يعن الله علي بن محمد
سليمان بن مريع علي بن مشبب مشبب بن محمد
علي بن مشبب بن حامد شيخ مشايخ علكم أحمد بن محمد بن حامد
كفيل عموم الشيخ إبراهيم بن عبد الوهاب بن عبد المتعالي".
وكان من أول المهام التي اضطلع بها الشيخ أحمد بن حامد، قيادة قبيلة علكم في حصار عسير للعثمانيين في مدينة أبها في ذلك العام (1322هـ)، الذي استمر لمدة شهرين، حتى تم الصلح بين الطرفين. واستمر الشيخ أحمد بن حامد في حالة عداء مع العثمانيين طوال فترة بقائهم في عسير، ولم يهادنهم إلا في مناسبتين: المناسبة الأولى، عندما عقد الإدريسي اتفاقية مع الإيطاليين، لمحاربة العثمانيين في عسير بهدف تشتيت مجهودهم الحربي في أثناء الحرب على طرابلس الغرب (ليبيا) عام (1329 هـ -1330هـ الموافق 1911م-1912م)، التي وقعت بين الإيطاليين والأتراك، فوقف العسيريون مع العثمانيين، واستطاعوا إخماد الثورة التي كان يخطط لها الإدريسي في سراة عسير قبل أن تبدأ. والمناسبة الثانية، كانت في الحرب العالمية الأولى، بعد أن عقد الإدريسي اتفاقية مع البريطانيين لمحاربة العثمانيين في عسير، عام 1333هـ الموافق 1915م، فوقف الشيخ أحمد بن حامد وقبيلته مع العثمانيين في المعارك التي دارت مع قوات الإدريسي في محايل والشعبين واستطاعوا التغلب على قوات الإدريسي، بسبب دعم عسير لهم حسب ما تذكر الوثائق البريطانية. ونعتقد أن دعم عسير عامة وعلكم خاصة للعثمانيين في هاتين المناسبتين، كان بسبب تغلب الشعور الإسلامي لديهم على الشعور القومي، حينما علموا بتحالف القوى الاستعمارية على الخلافة الإسلامية، التي كان يمثلها العثمانيون في تلك الفترة. وقد حفظ العثمانيون للشيخ أحمد بن حامد وقبيلته وقفتهم معهم في حربهم ضد الإدريسي، مما جعل متصرف عسير، محيي الدين باشا، يمنح الشيخ أحمد بن حامد وساماً رفيع الدرجة، يحظى حاملوه بمراسم عسكرية رسمية، منها تحيتهم عند قدومهم إلى أبها. كما قام المتصرف العثماني بإعطاء الشيخ أحمد بن حامد سنداً مكتوباً، يعطيه الحق في الحصول على جزء من مخلفات الدولة العثمانية في عسير بعد انسحابها، وكان هذا مثار خلاف بين الأمير حسن بن علي بن عايض والشيخ أحمد بن حامد في فترة لاحقة.
وعند دخول القوات السعودية إلى عسير في عام 1338هـ، بقيادة الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، قام الشيخ أحمد بن حامد بدور كبير في تأمين القبائل من معرة الجيوش المنتصرة، إذ قابل الأمير عبد العزيز بن مساعد في أطراف حجلا، في أثناء تقدمها إلى أبها، وطلب الأمان للجميع، فوافق الأمير عبد العزيز بن مساعد على طلبه، شريطة أن يلقوا السلاح. كما قام بالوساطة بين آل عايض والأمير عبد العزيز بن مساعد في تلك الفترة، ونجح في مساعيه، وتوصل الطرفان إلى اتفاق، سافر بموجبه الأمير حسن بن علي بن عايض والأمير محمد ابن عبد الرحمن بن عايض إلى الرياض، لمقابلة الملك عبد العزيز.
وقد كان الشيخ أحمد بن حامد على اتصال مستمر بالملك عبد العزيز وكانت المراسلات بينهما متواصلة. وساهم الشيخ أحمد بن حامد في الأحداث التي حدثت في عسير في تلك الفترة، وشارك في الحملات التي تمت في ذلك الوقت لاستكمال توحيد المملكة، كما أشارت إليه بعض الوثائق.
واستمر الشيخ أحمد بن حامد في مساهماته المؤثرة، حتى أصيب بالصمم في عام 1343هـ، فاعتزل الحياة العامة، وتوفي في عام 1346هـ.
ولا شك أن مشيخة الشيخ أحمد بن حامد كانت على قدر كبير من القوة، فاستطاع أن يؤثر في الأحداث السياسية التي عاصرها. ويمكن إرجاع ذلك إلى عدد من الأسباب، منها:
1-قوة شخصيته وشجاعته.
2-الحرية السياسية التي كان يتحرك من خلالها، فقد كان يتصرف باستقلالية، إذ لم يكن هناك حكومة مركزية يُخضع لأوامرها، خاصة خلال وجود العثمانيين، مما مكنه من فرض أحكامه كسلطة محلية، تقوم مقام السلطة السياسية المركزية، وزيادة موارد المشيخة المالية. وهذا الأمر ينطبق على أغلب مشايخ القبائل في إقليم عسير في تلك الفترة.
3-رغبة قبيلته في اجتماع شملهم وتوحد رايتهم، بعد فترة تشتت قبل توحيد المشيخة. وحين تحققت لها وحدة القيادة، تمكنت من القيام بأدوار حربية معروفة، خلال مشيخة الشيخ أحمد بن حامد.
4-قوة كفلاء مشيخته (القبلاء والحضناء) ووقوفهم بجانبه.
ولأهمية موضوع القبالة في ضمان نجاح شيخ القبيلة في إقليم عسير، نتوسع قليلاً في بحثها، آخذين مشيخة الشيخ أحمد بن حامد نموذجاً للدراسة في هذا الخصوص. فقد كانت القبالة، أي ضمان الاتفاقيات، من أهم الأعراف المتبعة في إقليم عسير. فكان يُضع كفيل خاص (يسمى حَضيناً) يضمن الجهة (شخصاً أو لحمة أو قرية أو قبيلة) التي ينتمي إليها، ويوضع كفيل عام (يسمى قبيلاً) يضمن الاتفاق ككل. وعادة يقوم الحضين ببذل مساعيه لإنفاذ الاتفاق الذي يضمنه، عن طريق إقناع أو إجبار الطرف الذي يمنع التنفيذ، وإذا عجز عن إنفاذ الاتفاق، فإنه يستدعي القبيل لإنفاذه. وللقبيل الكثير من الحرية في استخدام الوسائل التي تضمن إنفاذ الاتفاق، فيبدأ بوسائل الإقناع ثم التهديد ثم التنكيل، إلى أن يصل إلى وسائل القوة والحرب لإنفاذ مضمون القبالة.
ولا شك أن قوة كفلاء مشيخة الشيخ أحمد بن حامد كانت من أسباب قوة مشيخته. وقد أتاح غياب السلطة المركزية السياسية، في تلك الفترة، حرية الحركة للكفلاء، لإنفاذ إرادتهم والإيفاء بتعهداتهم. فقد كان كفلاء مشيخة الشيخ أحمد بن حامد الخاصون أو الداخليون (الحضناء) هم قبيلة أهل القُصَيِّر (آل ثوابي وآل النجيم وآل مسعودي) من علكم، وكان قبلاء المشيخة العموميون هم قبيلة قيس بن مسعود من رجال ألمع، الحليف القوي لقبيلة علكم، والذي يهمه اجتماع كلمة حليفه وتوحد رأيه، ومن ثم قوة هذا الحليف.
ونورد فيما يلي حادثتين توضحان أهمية القبيل في أعراف القبائل في إقليم عسير، وبالتالي قوة مشيخة أحمد بن حامد:
1-الحادثة الأولى، وقعت بعد أن حدث خلاف بين الشيخ أحمد بن حامد والمتصرف العثماني في عسير، إسماعيل حقي باشا (1319هـ-1325هـ). وقد عزم المتصرف على القبض على الشيخ أحمد بن حامد وسجنه. فحين علم حضناء مشيخته (أهل القصير) بذلك، طلبوا من الشيخ أحمد ترك منازله ومزارعه في حَمَرَة والانتقال إلى السودة، حيث يستطيعون حمايته بشكل مستمر، وليكون أيضاً بقرب قبلاء العموم، وهم قبيلة قيس بن مسعود من رجال ألمع، لأن منازل القبيلتين متجاورة. ولإيفاء مضمون كفالتهم للمشيخة، ولتبييض وجوههم أمام الجميع، اتخذ أهل القُصيّر عدداً من الخطوات، نوردها فيما يلي:
أ- قاموا بإسكان الشيخ أحمد بن حامد في أحسن منازلهم، وسط أمنع قراهم (السودة)، لكي يكون تحت حمايتهم المباشرة.
ب- قاموا بإعطائه مزارع سر بشار، التي تُعدّ ملكاً مشاعاً بينهم (روايس)، كمثار له على ما حدث له وتركه لمنازله وأملاكه، وفي ذلك يقول شاعرهم:
يا واصلٍ علكم وبلغ يا بريدي وقل بشار أصبح على القدوة مثار
يوم شل العَود حمله والعلايق
ج- تكفلت قبيلة آل النجيم من أهل القصير بالثأر من السلطة التركية على هذا الفعل، وقامت بما يشبه حرب العصابات ضد تلك السلطة، فكانوا يهاجمون الحراسات التي تحرس قصر المتصرف، الواقع في أبها، متخذين من الليل ستاراً لهم، مما أوقع في الجنود الأتراك عدداً من القتلى والجرحى. وعلى إثر ذلك قام المتصرف بتجريد حملة لمهاجمة آل النجيم، ونظراً لانزواء منازلهم في مواقع غير ظاهرة صعبة التضاريس تقع في أصدار تهامة، ولا يمكن الوصول إليها إلا في طرق صعبة (عقيب)، إذ كانوا يسكنون في موقع يسمّى جو آل النجيم، ولضعف المعلومات لدى الأتراك في تلك الفترة، لعدم تعاون الأهالي معهم، قام الأتراك بمهاجمة قبيلة أخرى في موقع آخر غير الموقع المقصود، لتقارب الاسم بين الموقعين.
2-الحادثة الثانية تتلخص في أنه عند خروج الأتراك من عسير، ووفاءً لموقف الشيخ أحمد بن حامد وقبيلته خلال الحرب العالمية الأولى، وتأييدهم للأتراك ضد الإدريسي، الذي كان يتحرك على ضوء اتفاقيته مع البريطانيين لإشغال الأتراك في عسير، قام المتصرف العثماني، محيي الدين باشا، بإعطاء الشيخ أحمد بن حامد أمراً يحصل بموجبه على جزء من مخلفات المتصرفية العثمانية في عسير. وقد ذكرت إحدى الوثائق البريطانية دور الشيخ أحمد بن حامد ومن معه من عسير في أثناء صدام القوات العثمانية مع قوات الإدريسي في محايل عام 1335هـ/1917م، ورأت أنه لولا شوكة هذه القبائل لما أبقت قوات الإدريسي على أحد من الأتراك. وبعد خروج الأتراك وتولي الأمير حسن بن علي بن عايض الإمارة في عسير، طلب الشيخ أحمد بن حامد إنفاذ أمر المتصرف وحصوله على جزء من الأسلحة التي خلفها الأتراك، فقد كان شيخ علكم يرى أن له حقاً في مخلفات الدولة العثمانية في عسير بموجب وقفته القوية مع الدولة العثمانية، التي جعلت المتصرف العثماني محيي الدين باشا يكافئه بجزء من تلك المخلفات ويكتب له أمراً خطياً بذلك، والأمر الآخر، أنه يمثل نصف ولد أسلم (علكم)، بينما يمثل الأمير حسن بن علي النصف الآخر (بني مغيد)، ومن ثم كان له الحق في اقتسام تلك التركة. وقد رفض الأمير حسن بن علي تقسيم تركة المتصرفية العثمانية، بحجة أنه يجب توحيد الجهود، وأن تكون تلك الأسلحة في أبها.
وعلى إثر ذلك توتر الوضع بين الرجلين وحصل ما يشبه القطيعة بينهما. وفي تلك الأثناء حصلت حادثة قتل بين آل عطاء من علكم وبين بني رزام من بني مالك. وكان من عادة القبائل في عسير أن تتدخل لوضع هدنة (ذمة) بين القبائل، خوفاً من تطور الأمور إلى حرب. فأرسل الأمير حسن ابن عايض سرية تقدر بأربعمئة رجل لهذا الغرض، بقيادة حسين أفندي. لكن وردت إلى الشيخ أحمد بن حامد معلومات تشير إلى أن هدف السرية هو القبض عليه، وأن هذه السرية قد اتخذت من حادثة القتل حجة لغرض القبض عليه. فطلب من قبيلته الحضور إليه للدفاع عنه. ووقعت قبيلة علكم في حيرة بين واجبها في حماية شيخها وواجبها في إطاعة الحاكم السياسي. وتحت ضغوط كفلاء المشيخة، (الحضناء، وهم أهل القصير)، اضطرت القبيلة إلى الدفاع عن شيخها والتجمع في قصوره في حمرة. ويقول شاعرهم مؤكداً على أهمية القبالة ومشيخة القبيلة:
وبلغوا لفة عسير
ما نطاوع في المقدم كل هامة
تفتح الباب العسير
خبر النجدي وذا في تهامه
وفي نفس الوقت علم قبلاء المشيخة، (قبيلة قيس بن مسعود)، بخبر السرية فتقدموا من ديارهم، التي تلاصق قبيلة علكم من الغرب، للدفاع عن الشيخ أحمد ابن حامد. ووزع المدافعون من علكم على حصون آل حامد المسماة: حصن معجب والحصن اليماني وحصن الحمراء وحصن المصنّف، إضافة إلى القصيب والجبال المحيطة بتلك الحصون. وعند وصول السرية واكتشافهم أنهم محاصرون في وسط الوادي من جميع الجهات، ذكر قائدها، حسين أفندي، أنهم جاؤوا ضيوفاً ولم يأتوا لغرض آخر، ففُرِّقوا واستُضيفوا في منازل قبيلة البيتين على عادة العسيريين.
وفي أثناء وجودهم في منازل مستضيفيهم، سُمع إطلاق نار كثيف في المكان المسمى الموقع، مما أثار نوعاً من البلبلة. إلا أنه اتضح أن إطلاق النار كان لتحية قبيلة قيس بن مسعود من رجال ألمع الذين حضروا حين علموا بأمر هذه السرية للوقوف مع علكم بصفتهم حلفاء لعلكم، وبصفتهم قبلاء ( الضمناء العامين) على مشيخة أحمد بن حامد. وفي نفس الوقت حضر بعض مشايخ القبائل إلى الشيخ أحمد بن حامد، وأُقنع بالذهاب إلى الأمير حسن بن علي في أبها لبحث هذا الموضوع وإيجاد مخرج للجميع. ومن ثم اجتمع الطرفان بحضور الوسطاء وجمع كبير من ولد أسلم (بني مغيد وعلكم)، وكان التوصل إلى حل، حصل بموجبه الشيخ أحمد بن حامد على جزء من هذا الأسلحة، التي وزع جزء منها على أفراد قبيلته. وقد احتفظ بجزء من تلك الأسلحة، وسلم بعضها في فترة لاحقة إلى سليمان بن عفيصان، لاستخدامها في الدفاع عن أبها حين هاجمتها قوات الشريف عام 1341هـ.
ويتضح من هاتين الحادثتين، ما للقبالة لدى سكان إقليم عسير من أهمية، وكيف أن قوة الاتفاق أو العقد تستمد في العادة من قوة ضامنيه، وكيف أن القبيل قد يعرض حياته للخطر، في سبيل الوفاء بكفالته وعدم تعرضه لعار عدم الوفاء. ولا أدل على ذلك من مخاطرة قبيلة علكم وقبيلة قيس بالوقوف في وجه السلطة السياسية من أجل الوفاء بواجب القبالة.
وقد أصيب الشيخ أحمد بن حامد بالصمم في حدود عام 1343هـ فاعتزل الحياة العامة وأناب عنه ابنه عائض في إدارة شؤون القبيلة حتى توفي في عام 1346هـ. وقد كان الشيخ أحمد بن حامد رجلاً شجاعاً شارك في العديد من المعارك. كما كان يوصف بأنه رجل "مُغورب"، أي ذو فراسة وتنبؤ بالأحداث قبل حدوثها، وله قصص كثيرة في هذا المجال.
مشيخة عائض بن أحمد بن محمد بن حامد:
ولد الشيخ عائض في عام 1306هـ تقريباً، وتعلم القراءة والكتابة في مسجد القرية. وقد عاصر الكثير من الأحداث التي وقعت في عسير في شبابه، وأسرته قوات الشريف حسين، التي غزت أبها عام 1341هـ، في أثناء إمارة سليمان بن عفيصان، وبقي مسجوناً في القنفذة لمدة سنة. وحين أصيب والده بالصمم في حدود عام 1343هـ، قام بأعباء مشيخة القبيلة نيابة عن والده واستمر على هذا الحال حتى عام 1348هـ.
ونظراً لعدم قيامه بتعيين كفلاء لمشيخته، واجه صعوبة في إنفاذ أوامره وأوامر نوابه على بعض قبيلته، خاصة أن تلك الفترة كانت فترة تحولات سياسية، وكان هناك متطلبات كبيرة من القبائل، للمساهمة في مواصلة توحيد المملكة، والمساهمة المالية في ميزانية الدولة. وكانت الأوامر تصدر له للقيام بإنفاذ تلك الأوامر وتحضير ما يُطلب من قبيلته.
واجتمع أعيان القبيلة لحل الخلاف بين الشيخ ونوابه من طرف، وبين عموم القبيلة من طرف آخر. وعلى عادة سكان إقليم عسير، وضعوا قبلاء لضمان إنفاذ ما يُتوصّل إليه، وكتبوا للقبلاء الوثيقة التالية:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من عموم علكم إلى كافة أهل امقصيَّر سلمهم الله آمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد مزيد السلام تعلمون أنا قبلناكم عموم وهبنا حضناكم من آل سعيدي علي بن عامر وعبد الله بن مسفر وإبراهيم بن عبد الله وعلي بن محمد ومن تلادة عبدل عبد الله بن يعن الله وحسين بن علي ومبارك بن سعيد وعبد الله ابن إبراهيم ومن أمبيتين سليمان بن مريع وعلي بن ناصر وناصر بن محمد ومحمد بن علي ومن بني مازن أحمد بن لاحق وعلي بن عايض ويحيى بن صلطان ومفرح بن عايض حبينا نبين لكم ذلك والسلام 19 محرم 348[1هـ]
ومن عضاضة عبد الله بن محمد أبو حمامة (ختمه) (ختم: علي بن ناصر)
(ختم: محمد بن زايد) (ختم: علي ) (ختم: عبد الله بن إبراهيم) (ختم: الواثق بالله عبد الله بن يعن الله) (ختم: علي بن مشبب) (ختم: حسين بن عاصم)".
وفي نفس الوقت، علم أمير عسير عبد الله العسكر بما حصل من خلاف، فكتب إلى أعيان قبيلة علكم الخطاب التالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله العسكر إلى من يراه من نواب علكم وكافة عامتهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد يبلغنا أن بينكم مثل الغلط والإشكال فيما بينكم وبين أمراكم خصوصاً أمير الكافة عائض بن حامد بالحاضر كلاً ياقف على حده كل قرية لها نائب ثم كل خمس له نايب وأمير الكافة ابن حامد عائض وكلاً يستقيم على الواجب بقدرته سوا ما أشكل عليه يرفعه لأمير الكافة وأمير الكافة على قدرته وما أشكل يرفعه إلينا وأما الغلط على الرعية وإجراء العوائد الفاسدة والتبريهات الجاهلية الذي جعلتوها سبب للأطماع الفاسدة والبدع الظالمة فلا نجيزها اجروا على القبيلة الشريعة والشكوى على ولاة الأمر وما سوا ذالك فلا عليه عمل ونرجوا أن الله يوفقنا وإياكم للخير ويمنعنا من ضده هذا ما لزم وانتم سالمين والسلام 17 صـ[فر] 1348 (الختم)".
وعلى إثر ذلك، اجتمع أعيان قبائل علكم، وكتبوا للشيخ عائض بن حامد وثيقة التنصيب التالية:
"بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
يعلم الحاضر والناظر إليه أنا اجتمعنا نحن يا علكم وأنا جال واحد وأنا قد نصبنا لنا أمير شمل علينا يا كافة علكم فنقول وبالله التوفيق قد انتخبنا عايض بن أحمد بن حامد أميراً علينا لا يعارضه معارض ولا ينازعه منازع وقد نصبنا له قبلاء في ضبط إمارته وهم أهل امقصير وجعلنا حضناهم من كل خمس من آل سعيدي المعان امنجاد ومن تلادة عبدل آل عاصم ومن امبيتين أهل امعين ومن بني مازن آل مصعد بدو وقرا ومن عضاضة آل مطير أن من خالف أمره أو شاقه أو أفسد عليه في الولاية أن القبلاء المذكورين مطلقين اليد يقومون على المخالف بما يليق له من العقوبة ثم أنه إذا نفذ أمر منه على أحد منا ولم يستمثل للأمر أن حبسه ونكاله يجري عليه ونحن عاهدنا الولاية الجليلة ولاية إمامنا عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل ثم أميرنا المذكور عايض بن أحمد على السمع والطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يعزل فينا وينصب ثم أنا قابلين مستمثلين لما ورد علينا من الأمر ومن خالف ذلك فالقبلاء والحضناء يد واحدة على من خالف اتفاقنا على ذلك راضين قانعين لا مجبورين ولا مكرهين وقد اتفقنا على ذلك وعلى عرض هذه الوثيقة على حكومتنا العلية أميرنا المنصوب من طرف الإمام عبد العزيز من أجل تأسيس وتصديق هذه القاعدة ونسأل الله نصر ودوام إمامنا عبد العزيز آل فيصل حرر جماد ثاني ثمانية وأربعين وثلاثمائة وألف من هجرة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
كتبها بطلب منهم أحمد بن موسى 25 جماد ثاني
كبار القبيلة
حسين بن علي سعيد بن علي عقران امزيدي علي بن عامر محمد بن زايد سليمان بن مريع عبد الله بن يعن الله محمد بن علي بن صالح ناصر بن محمد بن مرعي عبد الله بن محمد آل مطير يحيى بن أحمد بن عواض
علي بن يحيى فهران عبد الله بن أحمد أحمد رشدي أبو ماطر أحمد بن لاحق مفرح بن عايض
الحمد لله وبعد
من عبد الله العسكر إلى من يراه من كافة علكم السلام وبعد أشرفنا على اختياركم ورضاكم كما ذكرتوا أعلاه موجب أمارة عايض بن أحمد بن حامد عليكم قد أجزنا ما ذكرتم وأمرناه بالاستقامة بجميع ما يجب للولاية وللقبيلة ليكون معلوماً والسلام 2 رجب 1348".
وقد شارك الشيخ عائض بن حامد في جميع الغزوات التي قامت بها القوات السعودية لاستكمال توحيد المملكة العربية السعودية، فقاد غزو قبيلته في حصار جدة وضم الحجاز، وفي ضم مقاطعة جازان، وفي حرب اليمن عام 1353هـ، وفي حرب الريث الأولى عام 1361هـ، وفي حرب الريث الثانية عام 1375هـ، والتي كانت آخر الحروب التي خاضتها الجيوش السعودية بمشاركة القوات القبلية.
وكان الشيخ عائض بن حامد من المخلصين في أعمالهم حسب ما ذكرت الرسالة المرسلة من الأمير سعود بن عبد العزيز قبل حرب اليمن عام 1353هـ بوقت قصير، عندما أبدى الشيخ عائض استعداد قبائل عسير للتضحية بأموالهم ورجالهم في سبيل إيقاف اعتداءات إمام اليمن على الحدود السعودية، إذ ورد فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى جناب الأخ المكرم الأحشم عايض بن حامد سلمه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام بعد ذلك: بلغنا وليد بكلامكم وهذا الظن فيكم والواجب عليكم ولهوب كثير منكم العلوم الطيبة والمحاماة على عزيزة المسلمين وهذا شيء في أعناقكم وملزومين به فانتم إن شاء الله تجتهدون وتحطون الرخا من بالكم وكل عدو ضعيف إن شاء الله والأمور بتظهر على المطلوب إن شاء الله وكل إنسان يجازى بفعله الطيب وحنا حالا مشينا الزهبة ولا من قصور إن شاء الله والجند هذا حنا نتابعه عليكم مع إنكم لله الحمد فيكم بركة والأمور إن شاء الله تنحل سريعا نرجو إن الله يوفقنا وإياكم للخير وينصر دينه ويعلي كلمته ويجملنا وإياكم هذا ما لزم تعريفه والسلام 3 محرم 1353".
وكان الشيخ عائض بن حامد من أثرى رجال عسير، لامتلاكه الكثير من الأراضي الزراعية الواسعة، والثروة الحيوانية الكبيرة. واشتهر بالشجاعة والحلم والكرم وحب الإنفاق على الضعفاء والمساكين وعابري السبيل. وكان مقصداً للقبائل ومندوبي الحكومة وأخوياها وجنودها، فاشتهر باستضافته أعداداً كبيرة منهم.
وتوفي الشيخ عائض بن حامد بتاريخ 26/12/1386هـ، عن عمر يقارب الثمانين عاماً. وقد رفع ابنه عبد الله بن حامد وإخوانه برقيتهم رقم 1262 بتاريخ 26/12/1386هـ، الموجهة إلى جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، لإبلاغه وتعزيته بوفاة الشيخ عائض، وورد فيها:
"صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم
نرفع لأعتاب جلالتكم ونعزيكم في والدنا عائض بن حامد شيخ شمل علكم عسير الذي انتقل إلى رحمة الله بتاريخ 26 الجاري فلكم طول العمر وحسن العمل دمتم لنا ذخراً بعد الله مولاي
ابنكم
عبد الله بن حامد وإخوانه".
وقد تلقى الشيخ عبد الله بن حامد وإخوانه برقية تعزية من جلالة الملك فيصل برقم 12322 وتاريخ 29/12/1386هـ هذا نصها:
"عبد الله بن حامد وإخوانه أبها
أحسن الله عزاكم وأسكن الفقيد فسيح جناته ولا أرى الجميع مكروه
فيصل".
كما تلقى الشيخ عبد الله بن حامد وإخوانه برقية الأمير فهد بن عبد العزيز، وزير الداخلية، رقم 668 وتاريخ 29/12/1386هـ، الآتي نصها:
" أحطنا علماً بوفاة والدكم وإننا إذ نعزيكم فيه نسأل الله له الرحمة ولكم جميل الصبر
فهد بن عبد العزيز".
كما تلقى الشيخ عبد الله بن حامد وإخوانه العديد من برقيات التعزية، ومن ضمنها برقية الأمير خالد بن أحمد السديري رقم 186 وتاريخ 29/12/1386هـ، الآتي نصها:
"أبها- عبد الله بن حامد وإخوانه
بلغنا بمزيد الأسف وفاة والدكم الشيخ عايض بن حامد أحسن الله عزانا وعزاكم فيه وانتم عوضنا إن شاء الله خالد السديري".
مشيخة عبد الله بن عائض بن أحمد بن محمد بن حامد:
ولد الشيخ عبد الله بن حامد في عام 1340هـ، وتعلم القراءة والكتابة على يد معلم أحضره والده لتدريسه هو وأخيه سعد. ولازم والده يدير له شؤونه وأعماله اليومية، ويساعده في متطلبات قبائله، وما يختص بارتباطات والده بالحكومة. وفي عام 1379هـ عين أميراً للريث، بموجب أمر صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء الأمير فيصل بن عبد العزيز رقم 15380 وتاريخ 6/11/1379هـ، ثم انتقل عمله إلى وزارة الداخلية بالرياض. وحين أصيب والده بالمرض، عاد إلى أبها للقيام بأعباء القبيلة نيابة عن والده، وعمل في الجوازات والجنسية لفترة، ثم انتقل عمله إلى إمارة عسير حتى أحيل إلى التقاعد.
وقد نصب شيخ شمل لقبائل علكم بعد وفاة والده عام 1386هـ، إذ أجمعت قبيلة علكم على تنصيبه، بموجب الوثيقة التالية:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد فإن المغفور له الشيخ عائض بن أحمد بن حامد شيخ شمل علكم عسير الذي انتقل إلى جوار ربه بتاريخ 26/12/1386هـ قد قضى عمره الثمانين عاما في خدمة الوطن والمليك وقام بوظيفته هذه بكل جد ونشاط وإخلاص وقد اشترك في عدة غزوات في عهد حكومتنا الرشيدة أيدها الله فكان مثالا يقتدى به في الشجاعة والمروءة والكرم يفتح مصراع بيته لحل مشاكل قبيلته فيوقر كبيرهم ويعطف على صغيرهم يسارع إلى التجاوب وتلبية نداء ولي الأمر بالسمع والطاعة وذا ديانة وأمانة ولا تأخذه في الله لومة لائم. وإن ابنه عبد الله بن عائض بن حامد قد قام بأعباء هذه الوظيفة مدة طائلة وذلك إبان مرض والده فسلك الطريق القويم ونهج منهج والده رحمه الله ولما له بسابق خبرة في هذا الميدان وتمتعه بالأخلاق الفاضلة والسيرة الحميدة ملماً بإدارة شئون قبيلته. وإننا نواب وأعيان قبيلة علكم عسير نقرر بطوعنا واختيارنا ترشيح الشيخ عبد الله بن عائض بن حامد شيخ شمل لقبيلة علكم عسير ونرجو الله أن يكون خير خلف لأكرم سلف وأن يطيل لنا في عمر مولانا جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ويرزقه البطانة الصالحة وينصر دينه ويعلي كلمته وعلى ما ذكر جرى التوقيع
نواب وأعيان قبيلة علكم عسير
محمد بن سعيد بن مشاري عبد الله بن ناصر بن معيض
مصطفى بن حسن أبو ماطر محمد بن عبد الله بن إبراهيم
علي بن محفوظ محمد بن يحيى محمد بن يحيى
أحمد بن ناشع يحيى بن سعيد بن سلطان عبد الرحمن بن سعيد
محمد بن عبد الرحمن بن حفظي عبد الله بن عبد الرحمن
صالح بن مريع محمد بن زايد محمد بن علي بن حاجة مداوي بن الشيخ
أحمد بن عبد الله بن ناشع محمد بن علي بن عامر سعيد بن عبد الله أبو حمامة صالح بن محمد محمد عبد الله السر ناصر علي دومان
سعيد بن مريع بن عباس ناصر بن محمد بن سلطان سعيد بن عايض(الباطنة)
عبد الله بن شائع علي بن سعيد بن ناصر مفرح بن يحيى
محمد بن علي بن شهران علي بن عبد الله بن نصير عائض بن ناصر علي بن عايض أبو طاير محمد بن عائض عبد الله بن محمد بن حنبص علي بن محمد بن جظاع مشبب بن سحلول علي بن محمد صالح سعيد بن عايض بن علي".
وعلى ضوء ذلك، صدر القرار الوزاري رقم 723 وتاريخ 13/4/1387هـ بتعيين الشيخ عبد الله بن حامد شيخ شمل لقبائل علكم.
وقد اشتهر الشيخ عبد الله بن حامد بخصال حميدة ذكرها بعض الثقات ممن عاصروه في شبابه، وسجلوا مشهدهم التالي، المتضمن ما عرفوه عنه:
" بسم الله الرحمن الرحيم
نعم نقول نحن الموقعين فيه أدناه بأننا نعرف أمير الريث عبد الله بن حامد معرفة صحيحة شرعية[،] ومع ذلك نقول[:] إنه من أهل الخير والصلاح والصدق والوفاء والعفة والصفاء صادق في أقواله محق في أفعاله حسن السيرة طاهر السريرة وافر المروءة معروف بالديانة والصيانة والعفة والأمانة محافظ على جميع الصلوات لا نعلم فيه نقيصة ولا رذيلة ولا شيئاً يشوبه في دينه ولا في عرضه وإنه أهل لما يتولاه من منصب الإمارة والقيام بشئونها لما اشتمل عليه من الفضيلة وتميز به من الأوصاف الجميلة وتفرد به من المناقب الجليلة وإنه كاف فيما يباشره من سائر الولايات موثوق بأقواله وأفعاله في جميع الحالات وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين. وصلى الله على نبينا وآله وصحبه وسلم 9/1/1383هـ
المتجول في الوعظ والإرشاد مرشد قحطان قاضي الريث
أحمد بن سامر القحطاني يحيى بن علي شايع (توقيع: علي بن مشهور) مرشد الريث مقدر شجاج الريث عضو هيئة الأمر بالمعروف بالريث
أحمد غلفان زكري توقيع(عبد الرحمن الفقيه) محمد إبراهيم نجار
إمام مسجد الريث
أحمد عبد الله".
وذكر أحد الباحثين أن الشيخ عبد الله بن عايض بن حامد ووالده اشتهرا بفتح بيوتهما لاستقبال وضيافة عابري السبيل والمارين على طريق (الدولة) الذي يربط جنوب الجزيرة العربية بالحجاز. وأضاف أن ".... الشيخ عبد الله بن حامد أكبر مشايخ قبائل عسير سناً وصاحب منزلة كبيرة يمثلها في قلوب كل من يعرفه صادقاً في إخلاصه لوطنه ولولاة أمره ولقبيلته.... ."
م/ن