معركة الوجبة سنة 1893م
معركة الوجبة.. انتصار مؤسس قطر ضيعه خنوع تميم
لا يُعرف للقطريين تاريخ يمدح أو وقائع عسكرية تذكر، فالإمارة الصغيرة كانت ولا تزال على هامش التاريخ، ولم تكن مؤثرة يوما في الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية عموما والخليجية خصوصا، ورغم ذلك عندما رغب القطريون في الاحتفال بانتصارهم اليتيم على قوات الاحتلال العثماني في معركة الوجبة رمضان 1310 هـ، بدد تميم بن حمد مجد الانتصار بفتح أبواب الدوحة مشرعة لاستقبال قوات تركية في رمضان 1438، لتدور قطر مجددا في فلك الهيمنة التركية.تعود ذكرى المعركة التي تأسست عليها دولة قطر الحديثة إلى جهود الأمير جاسم بن محمد آل ثاني لطرد النفوذ العثماني التركي عن بلاده، فقرر انتهاج سياسة مستقلة عن إستانبول، فردت الدولة العثمانية بإرسال قوات والي البصرة إلى قطر لإعادتها إلى حظيرة الهيمنة العثمانية، والقضاء على مشاريع جاسم آل ثاني الاستقلالية، وإجباره على تعيين موظفين تابعين لها وتعزيز التواجد التركي العسكري عبر إنشاء دائرة جمارك في ميناء الدوحة تابعة للإدارة العثمانية.قبل جاسم آل ثاني والقطريون التحدي، ثم حشدوا قواتهم بالقرب من قلعة الوجبة التي تقع 15 كيلو متر غرب الدوحة، وأرسل الأمير جاسم إلى والي البصرة حافظ محمد باشا، يخبره فيه بأنه مستعد لدفع مبلغ مالي ضخم للدولة العثمانية حال انسحاب قوات البصرة التركية، لكن حافظ باشا رفض وأصر على استسلام القطريين، فلم يعد هناك مفرا من الحرب.
تقدمت القوات العثمانية صوب قطر، وبالقرب من قلعة الوجبة دارت رحى المعركة، التي استمرت لعدة ساعات، واستغل القطريون معرفتهم بطبيعة أرض المعركة لإرباك العثمانيين وتحقيق انتصار ساحق، واسفرت المعركة على مقتل قائد القوات التركية، فيما أجبر والي البصرة العثماني حافظ باشا على الفرار صوب العراق، ليعلن على الأرض انتصار الإرادة القطرية وحصولها على استقلال فعلي عن الإمبراطورية العثمانية.
لكن الغريب وبعد مرور نحو 124 عاما على هذا الانتصار، فإن هذه الروح القطرية قد اختفت بفعل فاعل، بعدما سمح الأمير تميم بن حمد بعودة الأتراك مجددا إلى قطر، وكأنه لا يحمل دماء جده البعيد جاسم آل ثاني، وكأن النخوة غادرت العروق، ففي رمضان آخر خضع تميم لرغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لا يخفي طموحه في استعادة أمجاد العثمانيين، وبدأت طلائع القوات التركية تصل إلى قطر، وسط استقبال إعلامي قطري يشبه استقبال الفاتحين، وكأن الأتراك حققوا انتقامهم التاريخي من هزيمة الوجبة، وهذه المرة بمساعدة أمير قطر.