قصه محمد بن هادي بن قرمله وفرس ابن حميد

قصة الهدباء (فرس ابن حميد شيخ شمل برقا من عتيبة ) وقصائدها :-------------------------------------------------------------------------------

الهدباء وهي فرس الشيخ بجاد بن سلطان بن هندي بن حميد ، وهي فرس أصيل ونادرة ومشهورة كسبوها الخنافر من قحطان والذي كسبها هو / ابن كميهان .. من آل سبعان من الخنافر من قحطان .
ولما لهذه الفرس من مكانة عند الحمدة طلبوا من مجدل بن فتنان من آل روق من قحطان .. لأنه صديق للحمدة وسبق وأن جاورهم فترة من الزمن وفارقهم له أكثر من خمس سنوات إلا أن الحمدة طلبوا بإلحاح من مجدل بن فدنان أن يسعى في أداء الفرس من الخنافر مع العلم أن بن فتنان ليس له مثار (أي مطالبة) في فرس الحمدة لأنه ليس جار للحمدة عندما أخذت الفرس .
حاول مجدل بن فتنان بكل جهد في إرجاع فرس بن حميد من أيدي الخنافر إلا أنهم رفضوا إرجاعها وقالوا الخنافر لإبن فتنان أن هذه الفرس غارت علينا في المراح وأنت يا بن فتنان لم تكن جارا للحمدة (الطنب جنب الطنب) أي بيتك بجانب بيوتهم حتى تلزمنا بإرجاعها حسب السلوم .
رجع مجدل بن فتنان ولم يحصل على نتيجة . وبعدها بأيام مرض مجدل بن فتنان وأوصى أخوه منيف بن فتنان بأن يبذل جهده مرة أخرى على إرجاع فرس الحمدة من أيدي الخنافر ، ومات مجدل بن فتنان ، وعندما علم الحمدة أن الخنافر رفضوا أداء الفرس لمجدل بن فتنان ، عندها قام الأمير محمد بن هندي بن حميد عندما تأكد أن الفرس ماهيب راجعة واستدعى الشاعر تني أبوعبية المقاطي .. وهو رجل شجاع وكريم ومن شعراء المقطة البارزين .. وقال محمد بن هندي موجها كلامه للشاعر تني أبو عبية : الفرس ماعاد هي براجعة يا تني .. لكن نبيك تجيب قصيدة مثيرة وقوية تثير فيها منيف بن فتنان وجماعته آل روق من قحطان .. لكي يسعون برد الفرس من الخنافر .
فقال الشاعر تني ابو عبية المقاطي العتيبي هذه القصيدة على لسان الأمير محمد بن هندي بن حميد .. وأسندها على منيف بن فتنان .. يحثه وجماعته آل روق على إرجاع الفرس .. يقول الشاعر تني أبو عبية :




ياراكب حمراً مـن الدارباتـي
مامونةٍ من نابيـات الحصيـرة
تلفي منيفٍ حامـي الجاذياتـي
ريفٍ لربعه في الليال العسيـرة
ياما ذبح من فاطرٍ غير شاتـي
لاركبت غبر الليال الضريـرة
ضمايهم لاقل هـوش الرماتـي
خيال لاجاء بالدبايـل سعيـرة
يا سابقي باللون صفراً صهاتي
هديبها يسبـق سنـاة المغيـرة
السابق اللي مثل وصف المهاتي
ومن الفهد فيها حلايـا وسيـرة
الذيل مركوز بوسـط القطاتـي
والساق ناعور على جال بيـره
قصيرة لآولاد روق العصاتـي
قصيرةٍ يا ويهـا مـن قصيـرة
ثورت فيها مجدلٍ ليـن ماتـي
وصارت لكم يا باقي الحي عيرة
خشيرته في الزاد والحي فاتـي
وأمه عدايلها عدايل منيـرة (1)
مادام صبحا من قبال الحصاتي
الها عليكـم شامـةٍ مستديـرة
قل الفرس بسلومكم كيف تأتـي
والخنفري فيها هروجه كثيـرة
------
(1)منيرة هي زوجة الشيخ بجاد بن سلطان بن هندي بن حميد-------
وعندما وصلت قصيدة الشاعر تني أبو عبية .. الموجهة إلى منيف بن فتنان أخو مجدل .. وجماعته آل روق .. سعى منيف بن فتنان وجماعته آل روق .. وطالبوا الخنافر بإرجاع فرس بن حميد إلا أن الخنافر امتنعوا عن إرجاعها .. فترافعوا آل روق والخنافر الذين عندهم الفرس ، عند العوارف الذين هم يفصلون بنزاعات القبائل .. وهم قضاة البدو من عتيبة وقحطان .. وعوارف عتيبة الذين قضوا في الفرس هما / 1- خالد بن تركي بن صنهات بن حميد ، 2- شويمي المقاطي ، 3- خباب القميزي المقاطي ، .. وهؤلاء العوارف المذكورين سوف يرد ذكرهم في قصيدة منيف بن فتنان الروقي القحطاني .. التي سوف نوردها لاحقاً .. فحكموا العوارف من عتيبة وقحطان ، بأن مثل هذه الفرس ليس لمنيف بن فتنان فيها مثار (أي مطالبة) لأنه ليس جاراً للحمدة عندما أخذت الفرس حسب السلوم .. إلا أن آل روق لم يقتنعوا .. فطالبوا الخنافر بإلحاح إرجاع الفرس .. إلا أن مطالبهم لم تحقق .. وكادت أن تكون فتنة بسبب الفرس ، حتى أنهم تواعدوا بحرب بينهم إذا لم تعاد الفرس .
وعندما علم الشيخ محمد بن هادي بن قرملة .. سعى في إرجاع الفرس للحمدة ، وسوف نورد طريقة إرجاعه للفرس لاحقاً ، وقد بعث الشيخ محمد بن هادي قصيدة جواباً على قصيدة الشاعر تني أبوعبية ، الموضحة بعاليه ، يقول الشيخ محمد بن هادي بن قرملة عندما سعى في إرجاع الفرس :

ياراكبٍ من فوق عشر نضواتي
سبق القطى اللي نابغٍ من مطيره
مرباعها يـم الحـوم وسفواتـي
في ماقعٍ ماهوب يقـزي بعيـره
ملفاك تنـيٍ حامـي الجاذياتـي
قل الفرس فيها دعـاويٍ كثيـرة
أديتهـا بحبـالـي الـوارداتـي
يوم ارتخت عنها الحبال القصيرة


أما طريقة إرجاع الشيخ محمد بن هادي بن قرملة ، لفرس بن حميد فهو أنه كاد أن يكون بسبب هذه الفرس فتنة كبيرة تزهق فيها الأرواح بين آل روق من قحطان ، الذين يطالبون بإرجاع الفرس ، وبين الخنافر من قحطان الذين عندهم الفرس ، فأسرع محمد بن هادي لتلافي المشكلة قبل أن تتطور ، وعندما جاءه الخبر بأن رأى آل روق والخنافر تواعدوا مثل بكرة بحرب بينهم إذا لم تعاد الفرس ، وأخذ كل منهم يعسف فرسه ويسن رمحه ، وعندما علم محمد بن هادي ماحصل بين آل روق والخنافر ، عندها استدعى شخصين عنده كل واحد على فرسه وقال للأول : إذهب أنت واقرع الخنافر (أي امنعهم على لساني أنا يا محمد بن هادي) ، وقال للشخص الثاني : إذهب أنت واقرع آل روق أيضاً حتى أخلص دعواهم .. فذهب المرسال الأول للخنافر ، والثاني لآل روق ، واستدعى الشيخ محمد بن هادي بن قرملة كبار آل روق ، وهم إبن مريحة ، ومحمد بن حشيفان ، وقال لهما : أنتما كفلاء على آل روق حتى أنهي دعواهم مع الخنافر ، وأيضاً استدعى آل مزحم من كبار الخنافر ، وقال لهم : أنتم كفلاء على الخنافر حتى أنهي دعواهم مع آل روق ، وطلب الشيخ محمد بن هادي ، من الفارس محمد بن حشيفان من آل روق ، أن يحضر له ناقتين مغاتير في الحال من خيار الإبل .. من شافها قال ماوراها شيء (أي أنها من أطيب الإبل) ، فقام محمد بن حشيفان وجاب ناقتين مغاتير من خيار الإبل ، وحضر الطرفان المتنازعان ، آل روق والخنافر ، عند الشيخ محمد بن هادي ، وعندما اجتمعوا كلهم قال محمد بن هادي ، موجها كلامه لابن كميهان من آل سبعان من الخنافر ، وهو الذي كسب فرس بن حميد ، وطلب منه أن يعطيه حبال الفرس الهدباء فرس بن حميد ، فتردد بن كميهان في إعطاء الفرس في بادئ الأمر ، وعندما ألح عليه الشيخ محمد بن هادي ، أعطاه حبال الفرس وهو غير راضي بإعطائها إياه ، وعندما أخذ الشيخ محمد بن هادي الفرس من بن كميهان السبعاني الخنفري القحطاني .. قال له هاتين الناقتين المغاتير هي لك عوضاً في الفرس يابن كميهان ، وسوف تكسب في المرات القادمة مثلها أو أحسن منها ، ولا تكون أنت وفرسك سبب فتنةٍ بين القبيلة . إلا أن بن كميهان الذي عنده الفرس لم يكن راضياً بإعطائها إياه .. فأخذ يزهم جماعته آل سبعان الخنافر الموجودين عنده ليثيرهم وتكون فتنة بين الطرفين .. إلا أنهم لم يعيروه أي إهتمام ، وقد قال هذه الأبيات أمام الجميع .. يقول بن كميهان :
ياولاد سبعان جمال الهدادي عزي لمن خلا مواقف جدوده
والله مايرضى بحكم ابن هادي ياكود منهو بارداتٍ عضوده
فأجابه الشيخ محمد بن هادي بن قرملة في الحال بهذه الأبيات الحكيمة :




نعمٍ بكم يوم اللقـا والطـرادي
بأفعال في يوم الطراد معـدودة
إليا اعتليتوا فوق قبٍ جيـادي
ستر المزين لا رثع به قعـوده
إن كان في موضوعنا ذا فغادي
غلطان يا شارع ذراه بعمـوده
لاتقرب البارود خشم الزنـادي
فتصير مثل اللي يلطم خـدوده
هذا طريح وذا بعمره مفـادي
وهذاك يزعج دمها من لهـوده
وأيضا أرسل الشاعر ، منيف بن فتنان الروقي القحطاني ، الذي كان يطالب بإرجاع الفرس (الهدباء) هذه القصيدة للحمدة بعد أن أرجعت الفرس وذكر في قصيدته أسماء العوارف القضاة الذين قضوا في الفرس من عتيبة والذي سبق أن حكموا بأن ليس له مثار ، أي مطالبة بإرجاع الفرس ، لأنها مغيرة حسب السلوم .. يقول منيف بن فتنان :




يالله ياللـي سائلـه مابعـد خـاب
إنـك تقبـل سائـل العـذر منـي
باه الطبيب وسايفت منـه الأطبـاب
لا واهنـي اللـي بصـدره يكنـي
هيسني أركب لي على جيش وركاب
عنـد الشيـوخ ركابنـا نوخـنـي
ردوا سلامي لابن سلطان وعقـاب
ومحمـدٍ حامـي الحـدور المدنـي
هل سربةٍ ماذيرت نزل الأصحـاب
والا على نـزل العـداء يوجفنـي
تلقا لهم في قعـد الخيـل مضـراب
لامـن شقصـات الرمـك رفعنـي
وتلقا لهم في وقت طيحات الأشراب
وأدباشهـم يـم الحـوم شربـنـي
وإن جنبوا يـم الشهيـلا ومشعـاب
وادباشهم شقف المواطـي رعنـي
السابق اللي قطعـت ذرو الاطنـاب
تاعوا لهـا يـوم الركـاب أقبلنـي
ألهانـي أدور عليهـا بالأسـبـاب
وعيـت سوالـف مثلهـا يوكلنـي
ماطعت فيها قـول خالـد وخبـاب
وسوالـفٍ لشويمـيٍ قـد مضنـي
اللوم مايجـلاه ضحـكٍ بالانيـاب
ورقـصٍ مـع رقاصـةٍ يرقصنـي
ياكون من عينه كما لـون مشهـاب
ولوالـبٍ يـوم الحـجـج فتنـنـي
وأخاف من هرجة عـدوا وشـذاب
في مجلسٍ يأتـي برمـح المطنـي ====
* المصدر : منتقى الأخبار من القصص والأشعار ،
جمع وإعداد / خالد بن محمد بن ماجد بن ضرمان القحطاني .