القحطانيون.. هم ملوك الشام قبل الاسلام
<BLOCKQUOTE class="postcontent restore">ملوك غسان
وكانوا عمالاً للقياصرة على عرب الشام وأصل غسان من اليمن من بني الأزد ابن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبا.
تفرقوا من اليمن بسيل العرم ونزلوا على ماء بالشام يقال له غسان فنسبوا إِليه وكان قبلهم بالشام عرب يقال لهم الضجاعمهَ من سليح بفتح السين المهلة ثم لام مكسورة وياء مثناه من تحتها ثم حاء مهملة فأخرجت غسان سليحاً عن ديارهم وقتلوا ملوكهم وصاروا موضعهم.
وأول من ملك من غسان جفنة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وكان ابتداء ملك غسان قبل الإِسلام بما يزيد على أربعمائة سنة وقيل أكثر من ذلك ولما ملك جفنة المذكور وقتل ملوك سليح دانت له قضاعة ومن بالشام من الروم.
وبنى بالشام عدة مصانع ثم هلك.
وملك بعده ابنه عمرو بن جفنة وبنى بالشام عدة ديورة منها دير حالي ودير أيوب ودير هند.
ثم ملك بعده ابنه ثعلبة بن عمرو وبنى صرح الغدير في أطراف حوران.
مما يلي البلقاء ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ثعلبة.
ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث وبنى القناطرْ واذرح والقسطل.
ثم ملك بعده ابنه الحارث بن جبلة وكان مسكنه بالبلقاء فبنى بها الحفير ومصنعه.
ثم ملك بعده ابنه المنذر الأكبر بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ابن عمرو بن جفنة الأول ثم هلك المنذر الأكبر المذكور وملك بعدها أخوه النعمان بن الحارث.
ثم ملك بعده أخوه جبلة بن الحارث ثم ملك بعدهم أخوهم الأيهم بن الحارث وبنى دير ضخم ودير البنوة ثم ملك أخوهم عمرو بن الحارث ثم ملك جفنة الأصغر بن المنذر الأكبر وهو الذي أحرق الحيرة وبذلك سموا ولده آل محرق.
ثم ملك بعده أخوه النعمان الأصغر بن المنذر الأكبر ثم ملك النعمان ابن عمرو بن المنذر وبنى قصر السويدا ولم يكن عمرو أبو النعمان المذكور ملكاً وفي عمرو المذكور يقول النابغة الذبياني:
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ** لوالده ليست بذات عقارب
ثم ملك بعد النعمان المذكور ابنه جبلة بن النعمان وهو الذي قاتل المنذر ابن ماء السماء وكان جبلة المذكور ينزل بصفين.
ثم ملك بعده النعمان بن الأيهم بن الحارث بن ثعلبة ثم ملك أخوه الحارث بن الأيهم ثم ملك بعده ابنه النعمان بن الحارث وهو الذي أصلح صهاريج الرصافهَ وكان قد خربها بعض ملوك الحيرة اللخميين.
ثم ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان ثم ملك أخوه عمرو بن النعمان ثم ملك أخوهما حجر بن النعمان ثم ملك ابنه الحارث بن حجر ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث ثم ملك ابنه الحارث بن جبلة ثم ملك ابنه النعمان بن الحارث وكنيته أبو كرب ولقبه قطام.
ثم ملك بعده الأيهم بن جبلة بن الحارث وهو صاحب تدمر وكان عامله بقال له القين بن خسر وبنى له بالبرية قصراً عظيماً ومصانع وأظن أنه قصر برقع.
ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثم ملك بعده أخوهما شراحيل بن جبلة ثم ملك أخوهم عمرو بن جبلة ثم ملك بعده ابن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة.
ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة وهو آخر ملوك غسان وهو الذي أسلم في خلافة عمر رضي اللّه عنه ثم عاد إِلى الروم وتنصر وسنذكر ذلك في خلافة عمر إِن شاء اللّه تعالى وقد اختلف في مدة ملك الغساسنة فقيل أربعمائة سنة وقيل ستمائة سنة وبين ذلك.
ملوك جرهم أما جرهم فهم صنفان جرهم الأولى: وكانوا على عهد عاد فبادوا ودرست أخبارهم وهم من العرب البائدة.
وأما جرهم الثانية: فهم من ولد جرهم بن قحطان.
وكان جرهم أخا يعرب بن قحطان.
فملك يعرب اليمن وملك أخوه جرهم الحجاز ثم ملك بعد جرهم ابنه عبد يا ليل بن جرهم ثم ابنه جرشم بن عبد يا ليل ثم ابنه عبد المدان بن جرشم ثم ابنه ثقيلة بن عبد المدان ثم ابنه عبد المسيح بن ثقيلة ثم ابنه مضاض بن عبد المسيح ثم ابنه عمرو بن مضاض ثم أخوه الحارث بن مضاض ثم ابنه عمرو بن الحارث ثم أخوه بشر بن الحارث ثم مضاض بن عمرو بن مضاض وجرهم المذكورون هم الذين اتصل بهم إِسماعيل عليه السلام وتزوج منهم.
وسنذكرهم ايضاً عند ذكر بني إِسماعيل إِن شاء اللّه تعالى.
ملوك كندة من الكامل قال: وأول ملوك كندة حجر آكل المرار ابن عمرو وهو من ولد كندة وكان اسم كندة نورا وهو ابن عفير بن الحارث من ولد زيد بن كهلان ابن سبأ وكانت كندة قبل أن يملك حجر عليهم بغير ملك فأكل القوي الضعيف فلما ملك حجر سدد أمورهم وساسهم أحسن سياسة وانتزع من اللخميين ما كان بأيديهم من أرض بكر بن وائل وبقي حجر آكل المرار كذلك حتى مات.
وقيل له احمل المرار لكون امرأته قالت عنه: كأنه جمل قد أكل المرار لبغضها له فغلب ذلك لقباً عليه.
ثم ملك بعد حجر المذكور ابنه عمرو بن حجر ويقال لعمرو المذكور المقصور لأنه اقتصر على ملك أبيه ثم ملك بعده ابنه الحارث بن عمرو وقوي ملك الحارث المذكور ووافق كسرى قباذ بن فيروز على الزندقة والدخول في مذهب مردك فطرد قباذ المنذر بن ماء السماء اللخمي عن ملك الحيرة وملك حارث المذكور موضعه فعظم شأن الحارث وقد تقدم ذلك في الفصل الثاني مع ذكر أنوشروان بن قباذ.
فلما ملك أنوشروان أعاد المنذر وطرد الحارث المذكور فهرب وتبعته تغلب وعدة قبائل فظفروا بأمواله وبأربعين نفساً من بني حجر آكل المرار ابنان من ولد حارث المذكور فقتلهم المنذر عن آخرهم في ديار بني مرين وفي ذلك يقول امرؤ القيس بن حجر بن الحارث المذكور: فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبناء الملوك مصفدينا ملوك من بني حجر بن عمرو يساقون العشية يقتلونا فلو في يوم معركة أصيبوا ولكن في ديار بني مرينا ولم تغسل جماجمهم بغسل ولكن في الدماء مزملينا تظل الطير عاكفة عليهم وتنتزع الحواجب والعيونا وهرب الحارث إِلى ديار كلب وبقي بها حتى عُدِمَ واختلِف في صورة عدمه.
وكان الحارث المذكور قد ملك ابنه حجر بن الحارث على بني أسد ابن خزيمة ن مدركة وملك أيضاً باقي فملك ابنه شراحيل بن الحارث على بكر بن وائل وملك ابنه معدي كرب بن الحارث وكان يلقب غلفاً لتغليفه رأسه بالطيب على قيس غيلان وملك ابنه سلمة على تغلب والنمر.
أما حجر المذكور وهو أبو امرئ القيس الشاعر فبقي أمره متماسكاً في بني أسد مدة ثم تنكروا عليه فقاتلهم وقهرهم وبالغ في نكايتهم ودخلوا تحت طاعته ثم هجموا عليه بغتة وقتلوه غيلة.
وفي ذلك يقول ابنه امرؤ القيس بن حجر المذكور أبياتاً منها.
بنو أسد قتلوا ربهم ألا كل شيء سواه خلل وكان امرؤ القيس لما سمع بمقتل أبيه بموضع يقال له دمون من أرض اليمن فقال في ذلك: تطاول الليل على دمون دمون أنا معشر يمانون ثم استنجد امرؤ القيس ببكر وتغلب على بني أسد فأنجدوه وهربت بنو أسد منهم وتبعهم فلم يظفر بهم ثم تخاذلت عنه بكر وتغلب وتطلبه المنذر بن ماء السماء فتفرقت جموع امرئ القيس خوفاً من المنذر وخاف امرؤ القيس من المنذر وصار يدخل على قبائل العرب وينتقل من أناس إِلى أناس حتى قصد السموءل بن عادياء اليهودي فأكرمه وأنزله وأقام امرؤ القيس عند السموءل ما شاء اللهُ ثم سار امرؤ القيس إِلى قيصر ملك الروم مستنجداً به وأودع أدراعه عند السموءل بن عادياء المذكور ومرّ على حماة وشيزر وقال في مسيرة سمالك شوق بعد ما كان أقصرا ومنها: تقطع أسباب اللبابة والهوى عشية جاوزنا حماة وشيزرا بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه والحق أنا لاحقان بقيصرا فقلت له لا تبك عينيك إِنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا وكان بامرئ القيس قرحة قد طالت به وفي ذلك يقول أبياته التي منها: وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة لعل منايانا تحولن أبؤسا فمات امرؤ القيس بعد عوده من عند قيصر في بلاد الروم عند جبل يقال له عسيب.
ولما علم بموته هناك قال:
أجارتنا إِن الخطوب تنوب ** وإني مقيم ما أقام عسيب
وقد قيل أن ملك الروم سمه في حلة - وهو عندي من الخرافات - ولما مات امرؤ القيس سار الحارث بن أبي شمر الغساني إلى السموءل وطالبه بأدرع امرئ القيس وماله عنده وكانت الأدراع مائة وكان الحارث قد أسر ابن السموءل فلما امتنع السموءل من تسليم ذلك إِلى الحارث قال الحارث: إِمّا أن تسلّم الأدراع وإِما قتلت ابنك فأبى السموءل أن يسلمّ الأدراع وفيت بأدرع الكندي إِني إِذا ما ذم أقوام وفيت وأوصى عادياء يوماً بأن لا تهدم يا سموءل ما بنيت وقد ذكر الأعشى هذه الحادثة فقال: كن كالسموءل إِذ طاف الهمام به في جحفل كسواد الليل جرار فشك غير طويل ثم قال له اقتل أسيرك إِني مانع جاري انتهى الكلام في ملوك كندة.
من كتاب ابي الفداء
</BLOCKQUOTE>