القاضي العلياني وخطبة الوداع والرحيل لنجد والحجاز إذا سألت فسأل أهل الفضل أولاً ولا تسأل يتيماً بعد الفقر تمولا ولوتصنع بالسخاء والكرم فإنه يخذلك لامحاله المفسدون موجودون وهم صنف غريب عجيب لا يفكرون في مصدر المال وحق امتلاكه وحيازته من حيث الحلال والحرام هم يهتمون بجمع الثروة ليس لهم ضمائر ، تلاحقهم عقدة العيب مهما تجاهلوها بسبب كثرة ما يشاهدونه من دمار ويسمعونه من إنكار فكلما ابتعد عنهم الحياء ارتد عليهم الخجل ، بسبب نظرتهم الخجولة وممارستهم غير المقبولة ممثل السلطة إذا استمر في النهب وسلب حقوق المجتمع انتقلت العدوى واتسع محيطها وأصبح المال دولاً بين أصحاب السلطة وأرباب المال وانحصرت الثروة في فئة قليلة على حساب الأكثرية وظهرت الطبقية بكل جلافتها ونجم عن ذلك امتزاج الفساد المالى مع كل أشكال الفساد الأخرى وتعطلت المحاسبة والمساءلة لفترة طويلة فشبع المفسدون وبدأ تطبيق آليات المحاسبة وتبرأ المعنيون عن التهمة وتحضرني الذاكرة لشاعر لا أعرف أسمه يقول : إذا سرق الفقير رغيف خبزٍ ** ليأكله سقوه السمَّ ماء ويسرق ذو الغنى أرزاق شعبٍ ** برمته ولا يلقى جزاء الفساد المالى واضح ظاهر للعيان له صور متعددة وله مظاهر لا تخطئها العين وأبرزها تراكم الثروة وامتلاكها من قبل فئة قليلة تستأثر بها دون غيرها فالحرية المطلقة للتصرف فى الأموال على نحو يفسدها ويبددها يمثل مظهراً من مظاهر الفساد والتعدي على حقوق الآخرين مظهر من مظاهر الفساد ورحم الله من قال : ذنب الفقير له شتمٌ ومنقصةٌ ** وذنبهم فيه تهليل وتكبير لا يؤخذون بما غلُّوا وما اختلسوا ** كأنما العلم للإجرام تبريرُ الفساد له عدة أسباب ساعدت على ظهوره ودفعت به إلى العلن فرضتها ظروف المجتمع التى يعيشها وتحكمت هذه الظروف السيئة فى معاملات الناس الإ من رحمه ربه وأخذه بلطفه وعنايته ، شاعت التجارة فى المحظورات وغلب على المجتمع طابع الاستقلالية ومن أسباب الفساد الجهل والفقر التمايز الطبقي والغريب نسى الأفاضل مخالفة المنهج الإسلامي فيما يتعلق بالمال العام وكننا لم نسمع توجيه الخليفة العادل ابن الخطاب لولاته وكننا لم نسمع بضوابط وأحكام المال العام رغم أننا ننادى بالشريعة دستوراً وبالإسلام ديناً أمرنا عجيب تناقض مهيب زال الخجل عن الوجوه وأصبح الحرام حلال ، والساقية تدور جميعنا ينتظر ساعة الرحيل ليوم الحساب الأكبر حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم هذه الأيام دول يوم عليك ويوم لك ، اختفت البسمة من شفاه الأطفال ، ولبست الحياة ثوباً ملوناً تظهر عليه كل علامات الكذب والبخل والجبن خوفاً من الفلس والمحتاج قل سؤاله وتعبت يده لان أهل الخير والفضل ذهبوا دون رجعة وظهرت طبقة شبعت بعد جوع لذلك لا يعول عليها وصدق من قال : إذا سألت فسأل أهل الفضل ** ولا تسأل يتيماً بعد الفقر تمولا الفساد له بؤر وجذور يجب التعامل معها بصرامة لمنع امتدادها وعلينا أن نحدد الفاصل المشترك بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة وعلينا أن نبدأ بأنفسنا أولاً لينهض المجتمع من كبوته ويستيقظ من نومه وثباته وأن نصطحب معنا سلوك قويم ومسئوليات جسام نراقب ذاتنا اولاً ونحاسب أنفسنا ولنعلم أن محاربة الفساد فيها حصانة ضد الفساد والمثل يقول من أصلح فاسد أساء حاسده