يُعد الشيخ عبد الرحمن عبد الله السبيعي واحداً من أبرز مشاهير أهل نجد في زمنه، وأحد أهم التجار الذين وقفوا وساندوا الملك عبد العزيز في مهمته التوحيدية التأسيسية لهذا الوطن، وقد وليَ الشيخ السبيعي مسؤولية بيت المال في شقراء والوشم وما جاورها من مناطق، حاضرة وبادية، بعد وفاة والده عام 1337هـ، وظلّ في ممارسة دوره ومسؤولياته الجسام حتى تأسست وزارة المالية ولم يعُد لبيوت المال ذلك الدور المهم، فصحب الملك عبد العزيز في تنقلاته وأصبح من جلسائه وخاصته.
وتكشف الوثائق المُرسلة من الإمام عبد الرحمن الفيصل ومن الملك عبد العزيز وغيرهما، المكانة التي كان يحتلها السبيعي في قلب الملك عبد العزيز، وهذا ما سيتضح من خلال هذه السيرة، التي تأتي كتابتها في محاولة لإبراز الدور الذي قام به السبيعي في مرحلة التأسيس وتسليط الضوء عليه، كما أنها محاولة لإبراز دور تجار نجد ومساهمتهم في التوحيد والبناء، ووقوفهم إلى جانب المليك المؤسس، وهو دور لم يُكتب بعد كتابة مفصلة.
كما أن هذه السيرة تأتي في سياق محاولة كتابة التاريخ المالي في عهد الملك عبد العزيز من خلال تراجم سننشرها - بإذن الله - لوكلاء بيوت المال في عدد من المدن والمناطق في عهد المليك المؤسس - رحمه الله.
في مدينة شقراء، حاضرة الوشم وواسطة عقده، وُلِد للشيخ عبد الله بن محمد السبيعي، أحد وجهاء مدينة شقراء، ووكيل بيت المال فيها، ابن أسماه عبد الرحمن، كان ذلك قُبيل استرداد الملك عبد العزيز لمدينة الرياض بسنة واحدة، وكان عبد الله السبيعي، الذي يملك محلاً تجارياً في سوق شقراء، قد تنقّل في أكثر من بلد طلباً للرزق، ولعل من أهم الأعمال التي تبوأها أنه عمل كاتباً في إمارة حائل لدى الأمير محمد بن عبد الله بن رشيد، نظراً إلى جودة خطّه وحسنه، وبعد وفاة محمد بن رشيد عام 1315هـ، قرّر عبد الله السبيعي العودة إلى مسقط رأسه والمتاجرة فيها.
ومن اللافت في هذا الأمر أن هذا الرجل الذي عمل كاتباً لدى ابن رشيد، لن يتردّد الملك عبد العزيز في تعيينه وكيلاً لبيت المال في شقراء وما جاورها من مدن وقرى؛ مما يدلُ على فراسة الملك عبد العزيز وثقته بالرجال وإحسان الظن بهم ومنحهم الفرصة للعمل معه في مشروعه الوحدوي الطموح.
لذلك، كان عام 1324هـ، حدثاً مهماً في سيرة الشاب عبد الرحمن السبيعي، حينما أسند الملك عبد العزيز إلى والده مسؤولية بيت المال في شقراء ومدن الوشم، فكانت هذه المسؤوليات فرصةً للفتى عبد الرحمن ليعمل مع والده وهو في بواكير شبابه ومقتبل عمره، فكان أن اطلّع وشاهد وخبر وعرف كيف يتعامل والده مع أوامر وتوجيهات الإمام عبد الرحمن الفيصل وابنه الأمير عبد العزيز، الذي كان يصول ويجول في مهمته التاريخية، يُلملم شتات الوطن ويوحده من بعد فرقة، كما شاهد عبد الرحمن السبيعي والده وهو يتعامل مع تجار نجد ومع رجالات الحاضرة والبادية، الذين كثيراً ما يحطون في منزل السبيعي (الأب)؛ فكانت السنوات التي لازم فيها عبد الرحمن والده هي سنوات التحضير والإعداد، وهي سنوات الدراسة والتعلّم والتحصيل، بعد أن تلقى تعليمه الأولي في شقراء لدى الشيخين الفاضلين إبراهيم بن عبد اللطيف وناصر بن سعود، وكمّل تعليمه في الرياض، ثم عاد إلى والده في شقراء، وما من شكّ أن الشاب عبد الرحمن قد أبدى نجابةً ونباهةً كانت محط إعجاب الملك عبد العزيز، الذي أصدر في عام 1337هـ، قراراً اقتضى تعيين عبد الرحمن بن عبد الله السبيعي مديراً لمالية شقراء بعد رحيل والده إلى رحمة ربه، ضمن وفيات كثيرة، إثر وباء الكوليرا الذي اجتاح نجداً وغيرها، فمات خلق كثير، مما عُرف لاحقاً بـ «سنة الرحمة».
وقد قيّد المؤرخ إبراهيم بن عيسى وفاة الشيخ عبد الله السبيعي ضمن غيره في ورقاته التاريخية غير المنشورة.
لعل مما يلفت الانتباه أن عبد الرحمن السبيعي حينما أسند إليه الملك عبد العزيز مهام ومسؤوليات بيت المال في شقراء، كان قد بلغ من العمر 19 عاماً فقط! وهو العمر نفسه للشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري حينما أسند إليه الملك عبد العزيز مسؤولية إدارة بيت المال في المجمعة وسدير والزلفي، خلفاً لأخيه الشيخ حمد، فهل هي فراسة الملك عبد العزيز في هؤلاء الشباب؟ أم أنها رجولة مبكرة لديهم؟ لا شك أن الإجابة في أن الأمرين كلاهما مجتمعان؛ ففراسة الملك هي التي اكتشفت رجولتهم المبكرة، كما أن ثقته بهم وبغيرهم هي التي نمّت هذه الرجولة وأحيت لديهم العزم في أن يكونوا عند حسن ظن المليك وثقته، فأخلصوا القول والعمل، يدفعهم الحب والولاء والإخلاص، ولاسيما وقد عاشوا وعايشوا أيام الفقر والخوف وانعدام الأمن والأمان، فليس غريباً أن يقوموا بما عظم من المسؤوليات والمهام تحت راية الملك عبد العزيز.
إذن السبيعي الفتى، ذو الـ 19 من عمره تُسند إليه مهمة إدارة بيت المال في شقراء، محط التجار النجديين والمُحاطة بقبائل مساندة للملك عبد العزيز في مهماته التاريخية، الأمر الذي يعني تجميع الزكوات وخرص الثمار وجباية الأموال وتوزيعها على مستحقيها على ضوء ما يرد إليه من تعليمات من الرياض، وغير ذلك من مهمات ومتطلبات الوجاهة والمكانة، التي يجب أن ينهض ويقوم بها مدير المالية، ولعل الوثائق المُرسلة إلى هذا الشاب من مليكه وسيده هي التي أبرزت وبشكلٍ جلي عِظم المسؤولية التي كان يقوم بها، إضافةً إلى ما كتبه مؤرخون ورحالة جابوا الديار ومروا بشقراء، فكان بيت السبيعي، الشامخ بالعطاء والكرم، محط الترحال ومأمن الجوع والخوف! ولعله من الجدير بالذكر الإشارة هنا إلى أن السبيعي لا يمتُّ بصلة نسب إلى القبيلة العريقة الشهيرة «سبيع» وإن حمل اسمها لقباً! ولذلك قصة تروى، وإلا فهو من أسرة آل فاضل من آل غرير من بني خالد.
من رسائل الإمام
في عام 1336هـ، كتب الإمام عبد الرحمن الفيصل رسالةً إلى السبيعي (الأب) يقول فيها (حنا خابرين منتب ذاخر جزيتم عنا كل خير، إن توفق شيء على المطلوب فلا بأس وإلا ما لازم).
ويوجد وثائق من الملك عبدالعزيز في اسفل الرابط
الى عبدالرحمن السبيعي لشيوخ عتيبه وهم الشيخ / جهجاه بن حميد
و ماجد بن ضاوي بن فهيد
اتركم مع الرابط الذي يحكي عن تاريخ احد رجال الملك عبدالعزيز
_________________ تــوقــيـع
|
لاتحسبنًي بشتكـي مـن مساويـــــــــك= مـن دون حدًي بحكمك في حدوديماني ونالعاصـي تضـن الرجـاء فيـك=رجــــاي بالله والـخـلايـق شـهــوديفيني طناخه يافتى الجــــود وطغيـك = أبــــك إقحطانـن كـلهـم لـي سنـودي |