النميمة وبواعثها ومساؤها وكيفية التعامل مع النمام
النميمة :
وهي : نقل الأحاديث التي يكره الناس إفشاءها ، ونقلها من شخص إلى آخر ، نكاية بالمحكي عنه ووقيعةً به .
والنميمة من أبشع الجرائم الخُلقية ، وأخطرها في حياة الفرد والمجتمع ، والنمّام ألأم الناس وأخبثهم لاتصافه بالغيبة ، والغدر ، والنفاق ، والإفساد بين الناس ، والتفريق بين الأحبّاء ، لذلك جاء ذمّه ، والتنديد في الآيات والأخبار :
قال الله تعالى : ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ) القلم : 10 ـ 13 .
والزنيم هو الدعيّ ، فظهر من الآية الكريمة أنّ النميمة من خلال الأدعياء ، وسجايا اللقطاء .
وقال تعالى : ( وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ) ، فالهُمزَة النمّام واللمزة المغتاب .
وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( ألا أُنبئكم بشراركم ) ؟
قالوا : بلى يا رسول الله ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحبّة ، الباغون للبراء العيب ) .
وقال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( محرّمة الجنّة على العيّابين المشّائين بالنميمة ) .
وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) للمنصور : ( لا تقبل في ذي رحمك ، وأهل الرعاية من أهل بيتك ، قول من حرّم الله عليه الجنّة ، وجعل مأواه النار ، فإنّ النمّام شاهد زور ، وشريك إبليس في الإغراء بين الناس ، فقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) ) الحجرات : 6 .
بواعث النميمة : للنميمة باعثان :
1 ـ هتك المحكيّ عنه والوقيعة به .
2 ـ التودّد والتزلّف للمحكيّ له بنم الأحاديث إليه .
مساوئ النميمة :
تجمع النميمة بين رذيلتين خطيرتين : الغيبة والنَّم ، فكل نميمة غيبة ، وليست كل غيبة نميمة ، فمساوئها كالغيبة ، بل أنكى منها وأشّد لاشتمالها على إذاعة الأسرار ، وهتك المحكيّ عنه ، والوقيعة فيه ، وقد تسول سفك الدماء ، واستباحة الأموال ، وانتهاك صنوف الحرمات ، وهدر الكرامات .
كيف تعامل النمّام :
وحيث كان النمّام من أخطر المفسدين ، وأشدّهم إساءة وشرّاً بالناس ، فلزم الحذر منه ، والتوقّي من كيده وإفساده ، وذلك باتّباع النصائح الآتية :
1ـ أن يكذّب النمّام ، لفسقه وعدم وثاقته ، كما قال تعالى : ( إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات : 6 .
2ـ أن لا يظن بأخيه المؤمن سوءً ، بمجرد النمّ عليه ، لقوله تعالى : ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات : 12 .
3ـ أن لا تبعثه النميمة على التجسّس والتحقّق عن واقع النمّام ، لقوله تعالى : ( وَلَا تَجَسَّسُوا ) الحجرات : 12 .
4ـ أن لا ينمّ على النمّام بحكاية نميمته ، فيكون نمّاماً ومغتاباً في آن واحد .
وقد روي عن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أن رجلاً أتاه يسعى إليه برجل ، فقال : ( يا هذا نحن نسأل عمّا قلت ، فإن كنت صادقاً مقتناك ، وإن كنت كاذباً عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك أقلناك ) قال : أقلني يا أمير المؤمنين .
وعن محمّد بن الفضيل عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قال : قلت له : جعلت فداك ، الرجل من أخوتي يبلغني عنه الشيء الذي أكره له ، فأسأله عنه فينكر ذلك ، وقد أخبرني عنه قوم ثقات .
فقال لي ( عليه السلام ) : ( يا محمّد كَذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة ، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم ، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به ، وتهدم به مروته ، فتكون من الذين قال الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) ) النور : 19 .