الجحادر وابن قرمله
--------------------------------------------------------------------------------
كان هادي بن قرملة رجل عادي في قبيلة قحطان, وحصل في سنة 1200هـ 1785م أن نزلت قبيلة قحطان بسبب جدب أراضيها إلى نجد الخصبة, فطلب منهم الشيخ وطبان بن محمد الدويش دفع بعض الضرائب للدخول إلى تلك الأراضي والسماخ لهم بالرعي فيها, وربما كان ذلك من قبيل الزكاة التي تؤديها القبائل للحاكم المسلم, حيث ان قبيلة مطير من أهم القبائل المحالفة للدولة السعودية الأولى.
فتصادمت قحطان التي هي بحسب الرواية القحطانية بقيادة الشيخ عثفر بن مسفر بن حسن بن سحيم, فوقعت معركة قرب جبل صبحا في العام المذكور 1200هـ 1785م أسفرت عن مقتل الشيخ وطبان الدويش, وبسبب تخوّف قحطان من بطش الدولة بها عادت من حيث أتت إلى الجنوب.
وفعلاً حدث ما كانت تتخوّف منه قحطان, إذ أرسل عليهم الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود جيشاً مكوناً من بني خالد والظفير, تمكن من هزيمتهم, وربما فرض عليهم بعض الأمور التي لا تطاق ولا سبيل للتخلص منها إلا بالدخول تحت طاعة الدرعية.
ويذكر المؤرخ حسين بن غنام ورورد هادي بن غانم المعروف بابن قرملة نسبة إلى أمه من آل معلا من خنافر من قحطان إلى الدرعية في سنة 1201هـ 1786م مبايعاً الإمام عبدالعزيز, فقرّبه منه, ونصّبه أميراً على قحطان, ولم يكن قبل هذه السنة من رجال قحطان المعدودين في كبر الشأن, ولكنه ارتفع باسم الدين,علماً بأنه ابن عم الشيخ عثفر العماج.
ومن المرجح ان ابن قرملة بعد أن نال اعتراف الدرعية به أميراً على قحطان كافة حضر إلى نجد بقبيلته وأقام بها, إذ تذكر التواريخ النجدية خبر غزو الأمير سعود بن عبدالعزيز إلى جهة الأحساء وبرفقته هادي بن غانم, وتمكنوا من هزيمة قبيلة بني خالد في وقعة غريميل.
وفي هذه السنة (1204هـ) 1789م وبينما قوات الأمير سعود في جهة الأحساء تقدم هو وابن قرملة إلى الشيخ محمد بن سحوب شيخ قبيلة زعب وخطبا منه بنتاه, ودخلا عليهما في ليلة واحدة, فأنجبت زوجة هادي محمداً, الذي ظل مقيماً عند أخواله زعب حتى بلغ سن الإدراك, وأخذ بالإلحاح على والدته بالسؤال عندما ضايقوه أقرانه قائلين: أنت لست منّا,, إلى ما شابه ذلك من الأقاويل, وعندها قالت له إذهب لجدك ليخبرك, فأخبره جده إنه إبن شيخ قحطان هادي بن قرملة, فذهب إلى والده, فأرسله والده إلى الكتاتيب في الدرعية ليحفظ القرآن.
وعندما توفى والده في سنة 1226هـ 1811م مقتولاً في إحدى المعارك السعودية, تولّى هو قيادة قحطان والمشيخة فيها وهو لا يتجاوز (22عاماً).
وفي سنة 1269هـ 1852م حاولت قبيلة عتيبة الدخول إلى نجد بقيادة الشيخ تركي بن صنهات بن حمد بن حميد, وأرسلت الهدايا إلى الشيخ محمد بن هادي بن قرملة من أجل هذا الأمر, وحضروا عنده رجال منهم, وظلّ يقوم بأمر ضيافتهم خمسة عشر يوماً, ثم بعد أن عادوا أرسلوا قصيدة لابن قرملة يعبّر فيها ابن حميد عن نيته بغزو قحطان ويعلن فيها الحرب, وجرت بينهم القصائد المشهورة.
والظاهر إن النتيجة كانت في صالح قبيلة عتيبة التي دخلت إلى نجد بالقوة واستطاعت إزاحة قحطان عن (عالية نجد).
وعالية نجد هذه سيطرت عليها عدة قبائل بحسب ما يقول المؤرخون, فكان أول من ذكروا في السيطرة على عاليتها: بنو هلال, ثم بنو لام, ثم عنزة , ثم مطير, ثم قحطان, ثم عتيبة.
وقد توفي الشيخ محمد بن هادي بن قرملة سنة 1297هـ 1879م عن عمرٍ يناهز الـ(90 عاماً ميلادياً), ويبدو إنه في ىخر أيامه عانا من العجز وأمراض كبر السن, ومن المعلوم إنه كان عقيماً لا ينجب, فلذا ليس لديه من يقوم بأموره الجسام, فهجر كما يهجر العدّ القديم, وتمّ تجاهله لكبر سنه, وربما لغطرسته التي ما زال يتمسّك بها, خاصة وإن الامور تحتاج في بعض الأحيان إلى المرونة وسرعة القرار.
فيقول الشيخ محمد بن هادي بن غانم بن حسن بن سحيم المشهور بابن قرملة:
هذي ثمان سنين ما شفت خطّار**لا والله الا صار بيتـي مزلـة
من اولٍ عندي مقاديم الأشـوار**واليوم أكز العلـم محـدٍ يشلّـه
أنا أشهد إن الكبر للرجل عثّار**موت الخلا ولا حيـاة المذلّـة
لون لي عيالٍ شبوا لـي النـار**وجلوا عن خاطري ألف علـة
_________________ تــوقــيـع
|
لاتحسبنًي بشتكـي مـن مساويـــــــــك= مـن دون حدًي بحكمك في حدوديماني ونالعاصـي تضـن الرجـاء فيـك=رجــــاي بالله والـخـلايـق شـهــوديفيني طناخه يافتى الجــــود وطغيـك = أبــــك إقحطانـن كـلهـم لـي سنـودي |